Wednesday, September 26, 2007

لُكَع بن لُكَع.. إلى أين؟ - د. توفيق الواعي



اللكع عند العرب هو اللئيم الوسخ القذر المستعبد، وهذا الصنف من الناس هو الذي يلوث المجتمعات ويصيبها بالإحباط، ويزرع فيها الخراب والظلم وعدم الاستقرار، ويطمس فيها كل معنى عظيم كما يطفئ ويريق البهجة والسعادة في محيطها الجميل، وهو مع هذا وللأسف تراه يتمتع بخبثه ويهنأ بلؤمه وقذره وانحطاطه وتبعيته، فهل تظن بعد ذلك أن دنيا الناس تدوم مع خبثه أو تبقى أمة من الأمم مع صدارته؟

لا والله، وألف لا، ( والله لا يحب الفساد(205) ) (البقرة)، (والله لا يهدي القوم الفاسقين(5)) (الصف)، وذلك هو الذي أهلك الأمم قبل ذلك (فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين 54) (الزخرف)، هذا في شأن فرعون، أما في شأن قوم نوح (وقوم نوح من قبل إنهم كانوا قوما فاسقين 46) (الذاريات)، ثم قال ربنا فيهم وفي أمثالهم: (فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون 40) (العنكبوت).

إذن فعلى أيدي هؤلاء يكون الخراب والدمار، يوضح هذا المعنى رسول الله ص في قوله: لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدنيا لكع بن لكع. إذن فساعات خراب الأمم لا تقوم إلا على أيدي هذا اللكع الذي لا شرف له ولا نخوة ولا خلق ولا إحساس، ولا عزيمة، وتجده مع هذا أسعد الناس، مات ضميره، وطمست بصيرته وباع دينه وحطم الجميع، وهم اليوم كثيرون، قد ابتلي بهم العديد من الأمم.

فيا أيها اللكع: فلسطين الجريحة تئن كل يوم وأنت تسمع عويل الثكالى ونياح العذارى وعويل الشيوخ وأنين الجرحى، وترى أشلاء المدمرين، ودماء المذبوحين وتنظر إلى المنازل التي هدمت فوق رؤوس أصحابها، والبلاد والنجوع التي أزيلت من الوجود ونعقت فيها الغربان، والحصار الذي أجاع الكبار وأهلك الصغار وخرب المزارع وقطع الأرزاق وبدد الأقوات، حتى بلغت الروح الحلقوم، وأنت هانئ سعيد، تسمع الأغاني الداعرة وتتسلى بالإعلام الفاضح، وتبدد الأموال هنا وهناك، ولا ترى أو ترعى في الناس إلاًّ ولا ذمة، ولا يحس كبدك الغليظ ألماً، أو يتغير مزاجك المتيم شعرة واحدة!

أيها اللكع: هل أنت حي فعلاً، أو موجود حقيقة؟ وإن كنت تظن أنك حي، فما دليل حياتك وعلامة وجودك؟ وقد صدقتني اللغة العربية التي قال أحد فرسانها:

ليس من مات فاستراح بميت ** إنما الميت ميت الأحياء

انما الميت من يعيش كئيباً ** كاسف البال قليل الرجاء

وصدق الله: (أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها) (الأنعام:122).

أستغرب يا لكع أن كل الدنيا تبكي لمصابنا ومصابك، وأنت لا تبكي على نفسك ولا على مصاب الأمة، وأن تقوم الدنيا وتقعد، ويهب الناس من كل حدب وصوب وفج عميق، جزعاً لما حل بنا، وأنت بارد خنوع مستسلم، ترفع الأيدي والأرجل وتمد الأعناق وتحضر السكين لتجهز على الضحية التي هي أمتك، بدون أن تدمع لك عين!

أكباد العالم تفتتت، وعيونهم تقرحت، وحناجرهم بُحت، وأنت تشرب المدام وترى القيان وتراقص الحسان:

تبكي علينا ولا نبكي على أحد ** فنحن أغلظ أكباداً من الإبل

هل ترى هذا أيها اللكع أسلوباً ترضاه حتى الحيوانات العجماوات التي تدافع عن صغارها، والطيور التي تدافع عن أعشاشها وتذود عن حماها؟ أي فشل هذا، وأي داهية تلك؟ وهل يا ترى كلامي هذا سيصل إليك؟ وإن وصل هل تشعر لبرهة به؟

فالفاشلون إذا غدوت تلومهم ** حسبوك في أسماعهم تترنم

هل تظل تترنم يا لكع، حتى وأنت تسمع أن الخراب يحيط بك، ويطرق بابك؟
العدو نفسه يصرح بذلك، ويقول لا بد من أن يغير حالك وأن يأخذ الخيرات وأن يعيد الترتيب بما يخدم أغراضه وأغراض الكيان الصهيوني الطامع في دحر الأمة!

وهل سيظل لكع يتقاتل ويتشاتم مع لكع آخر، ليزيدوا الأمة فرقة ونكبة على نكبة، ووهناً على وهن، تمهيداً وتوطئة للاحتلال المرتقب؟

يا لكع: إن العدو يحرضك على إخوانك ويطمعك في أمتك، حتى تنبذك الأمة وتكرهك القلوب، وتلعنك الألسنة وتود الخلاص منك على عجل!

الخاسر هو الأمة والذاهب هو ريحها وعزتها وكرامتها وخاماتها واقتصادها ومستقبلها، ومع هذا فلكعاتنا يحبون قاتليهم ويهيمون براكليهم بالأحذية ولا يريدون سماع ما يغضب الحبيب، ولا يريدون أن يشموا ما يزكم الأنوف ويلوث الأجواء عنهم في الحديث والقديم.

ولكنني يا لكع أقولها لك وأعلنها داوية عالية أن الأمة الإسلامية منتصرة بإذن الله وعزيزة إن شاء الله وستكتب تاريخ كل لكع بالسواد مكللاً باللعنات ليكون لها عبرة وذكرى. وصدق الله (وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال (إبراهيم). نسأل الله أن يذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور رحيم، آمين آمين.

-----------------------

نقلا عن مجلة المجتمع

2 comments:

Anonymous said...

جزى الله د. توفيق الواعي وجزاك خيراً على نشر ه>ا الموضوع
ياااااااااااااه كم نعاني من هؤلاء اللهم خ> بأيدينا اليك أخ> الكرام عليك

abonazzara said...

جزاك الله أخي الكريم على التعليق
وأرجو أن تشرفني بكتابة اسمك حتى نتواصل
وشكرا