تخيل أنك تريد الذهاب الى بلد يبعد عنك مسافة طويلة وبعد أن ركبت القطار وسار بك عدة ساعات سألت من بجانبك : هو فاضل كتير على البلد الفلانية ؟ فرد عليك باستغراب : بس القطار ده مش رايح البلد دي ؟ مش كنت تسأل قبل ما تركب !!!
هذا الموقف الصغير خسر فيه الراكب وقتا ومالا ولكنه لم يخسر عمره
كثيرة هي هذه المواقف في دنيانا التي يخسر فيها الشخص عمره ، ولو توقف قليلا وسأل ، لعدل عن وجهته واتخذ لنفسه وجهة أخرى تناسبه وتفيده
المشكلة في هذا الأمر أن العمر واحد فقط ، اذا اهدرناه خطأ أو فيما لا نعتقد بصحته أو جدواه فقد ضاع العمر ولن يعود ، ويظل الواحد منا نادما على سنوات عمره التي مرت وضاعت بلا فائدة ، وهيهات ينفع الندم .
والعاملين في حقل الدعوة وبخاصة المنتظمين في صفوف الحركات والتنظيمات الاسلامية التي تتبنى الخط التربوي في اعداد كوادرها والتي تكاد تنحصر في "جماعة الاخوان المسلمين" يجب أن يكونوا أحرص الناس على هذه المفاهيم لعدة أسباب
أولا : أن عملهم المفروض أن يقصد به وجه الله عز وجل فقط لا لمنصب أو مغنم أو تقدم أو تأخر ، ولو ضاع العمر من أجل واحدة مما سلف ذكره فالويل الويل من عذاب الله " فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً "
ثانيا : أنهم يقدرون قيمة الوقت فالوقت هو الحياة
ثالثا : أنهم لم يستدرجوا للانخراط في هذه الحركات ، ولم يجدوها مطية الى مغنم وانما قام من هم أكبر منهم بتربيتهم السنوات الطوال وتبيين المنهج والفكر والوسائل والعوائق والمخاطر أمامهم حتى اذا اطمأنوا الى صدق نيتهم وجد عزمتهم قاموا بادخالهم الى صفوف الجماعة ليستكملوا تربيتهم ولكن داخل الصف في عملية مستمرة الى أن يلقوا ربهم .
فمعنى ذلك أن الدخول كان صعبا جدا واحتاج الى فترة طويلة ومشقة وجهد أما الخروج من الجماعة – وأنا لا أدعو اليه – فماذا يحتاج ؟
لا شيء !!!! ينوي الرجل الخروج ومفارقة الصف فيصبح في الخارج وله كل الاحترام ولا يمسه أحد بسوء بفعل ولا بكلمة .
فما الداعي اذا الى أن يضيع الرجل عمره فيما لا يراه صحيحا أو يرى فيه شبهة لا علاج لها والخروج سهل ميسر بهذا الشكل ؟
رابعا : أن كلفة العمل للإسلام الآن أصبحت باهظة جدا ، لا يقدر عليها الا المجاهدين بحق بأوقاتهم ، وأموالهم ، وأهليهم ، وبحريتهم بل وبحياتهم أيضا
فلا يظن أحد المخلفين الذين رضوا بصرف وقتهم في العمل لجني الأموال أو بين الزوجات والأبناء ، يرفض أن يضحي بأي شيء ولو كان قليلا ، ولا حتى القليل من الوقت ليتربى وتسمو نفسه وتتهذب أخلاقه ، لا يظن هذا الشخص المحمول أنه ذو فائدة أو ذو قيمة لهذه الدعوة مادام غير مستعد أن يدفع كلفتها
فتخيلوا شخصا يدفع هذه الكلفة ثم اذا وقف مع نفسه ولو قليلا وخبرها لأخبرته أنها غير مقتنعة بهذا العمل ، وأنها غير مقتنعة بالأهداف والوسائل ولكنها تعمل من باب العادة أو خشية النقد واللوم من الأنداد
هذه كارثة على هذا الرجل وعلى دعوته التي ستؤتى لا محالة من قِبَلِه ، وماذا لو مات على هذه النية ؟ مصيبة وخزي الدنيا والآخرة
أقول هذا الكلام لأني أرى هذه الأيام أناسا يكتبون وينشرون ويصرحون ويصرخون في كل مكان بأحاديث أقل ما توصف به أنها غير منطقية فهم – هدانا الله وإياهم الى الحق – لا تعجبهم مناهج الجماعة ولا وسائلها ولا سياساتها ولا برامجها ولا مرشدها ولا مكتب الإرشاد ولا موقع الجماعة على الانترنت ولا اخوانهم القائمين على تربيتهم – ان كانوا يحضرون الجلسات التربوية أصلا – أي بالاختصار لا يعجبهم أحد ولا يعجبهم شيء ، ويهاجمون كل هذه الأشياء بأقسى الألفاظ وفي كل مكان ، فاذا دعوا الى الحوار غاب معظمهم عن الحضور وادعوا عدم جدية الجماعة في التغيير ، واذا واجهتهم بخطأ ما يفعلون شرعيا وتنظيميا ، كشروا لك عن أنيابهم ، وهاجموك بصورة لم تعرفها أخلاقيات ولا أدبيات الجماعة أبدا الا في أيام الفتن السوداء ، ثم كالوا لك الاتهامات بمحاولة تكميم الأفواه وقطع الألسنة وأن هذا مصير كل من ينتقد في الجماعة ، وأنك تريد تأليه القادة والرموز ، وأنك من الحرس القديم ، وضد التقدم والتقدميين ، وأنك ضد حرية الرأي ، وأنك منتفع ببقاء الأوضاع على ما هي عليه ... الخ
الغير منطقي في الأمر أن هؤلاء السادة – وبالمناسبة معظمهم لم يتعد سنه الثلاثين سنة ، وهذا لا يعيبهم - الذين لا يعجبهم شيء مصرون أن يظلوا في الجماعة ، وأن يسيئوا اليها صباح مساء وأن يسبوا رموزها وينشئوا موقعا موازيا وينتخبوا مرشدا موازيا ومكتب ارشاد مواز كذلك !!!!
ما الداعي الى ذلك يا سادة ؟
أنا أعلم أنكم لو أعلنتم أنكم تركتم أو ستتركون الاخوان فسوف تحتفي بكم جهات معينة ، ثم سينسونكم وينساكم الناس ، فقد اكتسبتم قيمتكم من اعلانكم أنكم من الاخوان ولولا ذلك ما أعاركم أحد انتباهه ، مهما كنتم ومهما قلتم
ألا يدعوكم هذا للتفكير ؟
لا تخافوا على دعوة الله ، فهي لن تتوقف بترككم لها ، والا لتوقفت بترك من هم أفضل منكم لها .
وهل هذه سلوكيات من يخاف على دعوته ؟
احترم جدا من تركوا الجماعة بأدب ورقي أخلاق وأنشأوا حزبا أو جمعية أو حتى عملوا منفردين ، وهم مع ذلك على علاقة جيدة جدا بالاخوان ويتبادلون الحب والتهاني في جميع المناسبات
احترم من لم يستطبعوا تحمل الاختلاف فقرروا الرحيل
احترم حتى من رأى نفسه وطاقاته أكبر من أن تستوعبها الجماعة فرحل
أحترم كل صادق مع ربه ثم مع نفسه
أحترم كل عاقل يتصرف بحكمة ومنطق
أنا لست الآن في جماعة الاخوان المسلمين ، وان كنت ممن ينتمي اليها فكريا ، وتربيت في أحضانها السنين الطوال ، وأدين لها - بعد الله عز وجل - بالفضل
وأنا لا أدعي عصمة الجماعة ولا عصمة أحد من أفرادها
كلمة أخيرة لهؤلاء السادة الأفاضل
الدنيا بره الجماعة طراوة جدا
موحشة بس طراوة
جافة بس طراوة
برد بس طراوة
وعندما سيلسعك البرد
ستشتاق الى اخوانك بكل عيوبهم
وستعرف عندئذ فضلهم .
انا معك فى كثير مما قلت ولكنى اخشى ان اقابل ربى وقد عرفت الحق ثم انى أنأى بنفسى طواعية عنه .فتوبى لنفس شغلت بعيوبها وعملت ما استطاعت ان تعمل وهى فى حضن حنين حتى وان شابته شائبة وقتا فأنا لا ارضى ان ارمى نفسى بعيدا عن حضن امى لأن امى بها ما بها طالما ان ما بها لا يعدوا ان يكون خلافا فى الرؤية.فاللهم يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا وارنا الحق حقا وارزقنا اتباعهوارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
ReplyDeleteانا معك فى كثير مما قلت ولكنى اخشى ان اقابل ربى وقد عرفت الحق ثم انى أنأى بنفسى طواعية عنه .فتوبى لنفس شغلت بعيوبها وعملت ما استطاعت ان تعمل وهى فى حضن حنين حتى وان شابته شائبة وقتا فأنا لا ارضى ان ارمى نفسى بعيدا عن حضن امى لأن امى بها ما بها طالما ان ما بها لا يعدوا ان يكون خلافا فى الرؤية.فاللهم يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا وارنا الحق حقا وارزقنا اتباعهوارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
ReplyDeleteاخوك فتحى
Friday, 16 November, 2007
أخي فتحي
ReplyDeleteأنا لا أطلب من أحد الرحيل لخلاف في الرؤية ولكن لاستغلاله لهذا الخلاف في التشهير بمن خالفوه وسبهم والتشهير بهم وحشد الحشود للوقوف أمامهم وتقليب محبيهم عليهم وتشميت أعدائهم فيهم وصنع أجنحة وهمية داخل الكيان الواحد
ترى هل لو أخطأت أمي في حقي هل سأفعل هذا بها ، اذا تبا لي وسحقا ان فعلت ، فلأمت قبل أن يحدث هذا
ومعظم النار من مستصغر الشرر
جزاك الله خيرا على تشريفك لي بالزيارة
لا فض فوك يا اخى وجمعنا الله واياك على طاعته في الدنيا وفي مستقر رحمته يوم القيامة ااااامين
ReplyDeleteاخوك سيد ابوبكر
أخي الحبيب سيد
ReplyDeleteواحشني جدا
سعيد انك مازلت متابع
مع اني أفتقد تعليقاتك يا كسلان
ولكن ردك أسعدني أننا مازلنا على خط واحد
وهذا شيء يهمني جدا
ياريت تبعت لي الميل بتاعك
لانه للأسف ضاع مني
جزاك الله خيرا
وحتى نلتقي قريبا ان شاء الله
تقبل تحياتي واحترامي
راسلني على
abonazzara@gmail.com
ماأكثر من يحتاج الى توضيح مثل هذه الرؤية,كلمة حق أرجو الله تعالى أن ينفعنا بها ,غير أنه ينبغى التنبيه أن ليس كل ناقد وان أخطأ فى طريقة نقده وأسلوبه سيرد عليه بنفس هذا الكلام وأنما هذا رد على من أنقلب على نفسه قبل أن ينقلب على دعوته .
ReplyDeleteأخوك أسامه
أخي اسامة
ReplyDeleteأنا معك تماما ان هناك من أخطأ عن حسن نية وقد استدرج الى هذه الفتنة وأحسن الظن بمن لا يستحق هذا الظن
ولكن بعد أن تتضح الصورة ويطل وجه الفتنة القبيح ويظهر العوار والخلل في الأسلوب المتبع ثم بعد ذلك يصر هذا الأخ أن يستمر في أسلوبه فان من حق الجميع أن يكون فيه رأيا لا يلام عليه الا هو والا كنا ممن يخدعهم الخب
نعم للصبر ، نعم للم الشمل ، نعم للتوضيح واعادة التوضيح والتماس الأعذار وحسن الظن ...الخ
ولكن يجب أن يكون لكل هذا آخر
ولا ايه ياعمنا
جزاك الله خيرا
وتقبل تحياتي واحترامي
جزاك الله خيراً وأرشدك الى طريق الحق وسدد خطاك وبصرك بما يحب وأغمض عنك ما يكره
ReplyDeleteأحمد
عم احمد
ReplyDeleteشكر الله لك وجزاك خيرا
كنا عايزين رأيك معانا
مع اني عارف انك مش بتحب المشاكل
تقبل تحياتي واحترامي
مقالة اكثر من رائعة
ReplyDeleteأخي محمد
ReplyDeleteجزاكم الله خيرا