Tuesday, April 15, 2008

إني امرؤ مكرم نفسي ... ومتئد


بقلم الأستاذ / محمد أحمد الراشد

هي مسألة محسومة إذن: أن نرشح أنفسنا لقيادة الأمة
ليس لمارق حق، ولا لمن بيده سوط
لكن بعض الدعاة يتلكأ، بسبب ضباب في الطريق، أو يتردد بسبب شبهات معترضة، وإنما الواجب عليهم أن يثقوا بأنفسهم، وأن يعزموا عزائمهم، لأن هذه المعوقات إنما هي جنس مألوف في الصراع، وهي ظاهرة من ظواهر الحياة السياسية والفكرية وتنافس الجماعات
وليس لنا أن نتوقع أن نكون بدعة في العاملين، بحيث نمضي بلا صعوبات، ولا متساقطين
ينظر الداعية الجاد إلى نفسه، وإلى إخوانه في الرهط الدعوي، فيرى نقصا عن بلوغ الصورة المثالية التي تصفها أسطر فقه الدعوة، وتستوقفه بقايا ضعف أو طمع أو جهل، فيأخذ يتهم ذاته والآخرين، وتزيده الاتهامات الظالمة التي تطيرها أجهزة الإعلام المعادية إحباطا، وليس ذلك بصواب أبدا، وملاذنا قاعدة صريحة في الفقه
(إن عقد الإسلام لا ينحل بازدحام الآثام، وترتفع ألف حوبة بتوبة)
فلو ذهبنا جدلا أن حياة بعض الدعاة تزدحم بذنوب، فإن التوبة تعدل ذلك وتعالج الأمر معالجة تامة، ونحن التوابون ولا فخر، ونحن أساتذة الاستغفار بحمد الله، لأن منهجية التربية الدعوية تفرض رقابة صارمة على الأداء والممارسات، وتعالج كل ظاهرة سلبية، فتكون النتيجة دوما نوعا من الاتزان الذي تكون كتلته النوعية في العموم ثقيلة راجحة على مجموع أحوال الإحسان الفردية التي يمثلها أشخاص متفرقون خارج محيط الدعوة
فقد يبلغ مسلم درجة في العبادة ومكارم الأخلاق لا يبلغها داعية، وتتكرر هذه الصورة في عدد من الأفاضل، و لكن المجتمع الدعوي يمثل حضورا تعبديا و أخلاقيا و علميا في حياة كل قطر إسلامي هو أنفذ وأقوى وأبعد تأثيرا من تأثير العناصر المفردة
و ما النقصان في أفراد الدعاة - لو كان - إلا ظاهرة متوقعة محسوبة مهما وصفت الكتابات العلو المطلوب، لأن هذا العلو إنما يضرب كمثل ورمز وغاية، ليصل من يصل إلى نصف الوصف النموذجي وثلثيه وثلاثة أرباعه، وما يكاد يقارب الأعالي الحقيقية إلا قلائل، ولا يتقمص الملائكية أحد، إنما هو التسديد والمقاربة والتشبه والمحاولة والرجاء
وتزداد درجة المحاسن النسبية للدعاة وضوحا إذا كانت المقارنة بينهم وبين جمهرة السوء في المجتمع، وكل منصف يعلم أن الكثير من أبناء الأمة اليوم إنما هم غثاء، وفيهم من أنواع الغفلات والشطط والفساد والعدوان ما فيهم، وفيهم كل متردية ونطيحة وما أكل السبع، ومن لوثه الربا وأذهله الخمر
والدعاة بين ظهرانيهم يتفردون بالمناقب والصدق والعفاف والجد والهدي النقي، ومن لم يلحظ هذه المقارنة النسبية فهو عن ميزان العدل ناكب
لذلك يليق بدعاة الإسلام اليوم أن يثقوا بأنفسهم ثقة تامة: أنهم أمثل من في الساحة، وأنهم أهل للإصلاح، وجدير بهم أن لا يلتفتوا إلى وسوسة شيطان أو أكاذيب الملأ الذين يتحلقون حول الظالمين، بل عليهم أن يشقوا الطريق صاعدين، بما حكر الإيمان لهم من أولوية وولاية

وتنهض شبهة ثانية: أن عددنا قليل، وللباطل سواد عظيم
وقد جوبه الشاعر بمثل ذلك، فكان جوابه القديم جوابنا، وذاك يوم قال:
تعيرنا بأنا قليل عددنا ********** فقلت لها: إن الكرام قليل
وما قل من كانت بقاياه مثلنا *** شباب تسامى للعلا وكهول
فهي ظاهرة أخرى من ظواهر الحياة إذن، يجب أن ننتبه لها: أن الكرام قليل، وأما الأكثرين فدون ذلك، في درجات متنازلة، حتى يكون اللئيم والكاذب وآكل الحرام
فهي حكمة ربانية جعلت نقباء الفضل في الناس الأقل، كما جعلت النسر والصقر بين الطير قلة، أو أشجار الثمر بين أنواع النبات
لكن قوة التأثير إنما تأتي من وحدة المنهج العالي، ومن وحدة الأجيال حين تتوارث الخير، وذلك ما يعبر عنه الشطر الأخير: شباب تسامى للعلا وكهول
فهو منهج يصعد بأصحابه (نحو المعالي)، ولا يحوم حول السفليات الدنيوية والمطامع وغصب الحقوق، وإنما هو منهج التسامي.
ثم هم شباب وكهول، في وحدة قلبية تربط الجيلين ومن قبلهما من فتيان ومن بعدهما من شيوخ، وتجعلهم يحسون بركة السلف والحاجة للمجرب، حتى تكون الوصية بينهم أن: كبروا، كبروا
وأهل الدنيا يلعن بعضهم بعضا، ويتبرأ اللاحق من السابق، وينعته برجعية وتخلف، وينقم عليه طول اللبث. وبذلك نحقق عنصر امتياز وتفوق، و "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، والله مع الصابرين"

وصار التروي تهمة، ربما يتهم الداعية بها رهطه، يريد النتيجة العاجلة، وكأنه أصبح ضجرا من طول الدرب، في حين يُجمع الفقهاء والساسة والفلاسفة والأدباء على أن الحكمة لا تأذن بقفز يتجاوز التدرج
حتى الشاعر البدوي أدرك جوهر التخطيط بفطرته، فقال
منا الأناة وبعض القوم يحسبنا ****** أنا بطاء وفي إبطائنا سرع
قال التبريزي: (المعنى: نحن لا نعمل عملا ولا نمضي رأيا إلا بعد التأني والتروي، فلذلك بعض القوم الذين لا تجربة لهم يظنون أنا بطاء، ولا يعلمون أن إبطاءنا فيه سرعة)
أما كيف يكون الإبطاء سرعة فالحساب بسيط، ذلك أن الاستعجال يقود إلى فشل، فتضطر لتكرار العمل، ولو جمعت الوقت الأول ووقت الاستئناف الثاني لكان أطول من وقت واحد على الطريقة المحكمة المنتجة
--------------------------------------
باقي دقائق وتنطق المحكمة العسكرية حكمها في قضية الاخوان المسلمين
فاللهم انا ندرأ بك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم
اللهم اكفنا اياهم بما شئت وكيف شئت
اللهم ان لم يكن بك علينا غضب فلا نبالي ، ولكن عافيتك هي أوسع لنا
اللهم يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين
فك أسر إخواننا وكف عنا أيدي الظالمين فإنهم لا يعجزونك
يا الله يا الله يا الله
يا واحد يا أحد يا فرد يا صمد
برحمتك نستغيث فأغثنا
وبقوتك نستنصر فانصرنا
والى جناب رحمتك نلجأ فارحمنا ولا تطردنا
اللهم عز الناصر ولا ناصر لنا الا أنت
اللهم لا تآخذ اخواننا بذنوبنا
ولا تآخذ دعوتنا بذنوبنا وتقصيرنا
واغفر لنا ولهم وللمسلمين أجمعين
نشهد الا اله الا أنت
عز جارك وجل ثناؤك ولا اله غيرك
يا غياث المستغيثين أغثنا
اللهم إن الألى قد بغوا علينا
اللهم إنهم يخوفوننا بالذين هم من دونك
فانصرنا اللهم وارحمنا وآمن روعاتنا
وثبت قلوبنا وأقدامنا
ورضنا بقضائك وقدرك
حتى لا نحب تعجيل ما أخرت ولا تأجيل ما عجلت
اللهم هذا الدعاء ومنك الإجابة
وهذا الجهد وعليك التكلان
ولاحول ولا قوة الا بك
آمين آمين آمين
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هديه واقتدى بسنته الى يوم الدين

No comments:

Post a Comment


ومـا مــِن كاتبٍ إلا سيبلى
ويُبقي الدهر مــا كتبت يـداهُ
فلا تكتُب بخطِك غير شيءٍ
يسُــرك في القيامةٍ أن تـراهُ