أنت الوحيدة في هذا العالم الذي أكتب لها كلاما وأتمنى ألا تراه ولا تقرأه
فكلام الدنيا كله ومهما قلت وقال غيري لن يوفيك حقك
الكل يعلم مدى صعوبة الحياة بل واستحالتها أحيانا اذا تزوجت فتاة في بيت العائلة
فما بالكم لو تزوجت هذه الفتاة في شقة العائلة ؟
وما بالكم لو كانت هذه الفتاة - مثل معظم فتيات ذاك الزمان في أواسط الستينات - خرجت من بيت أبيها الى بيت زوجها دون أي خبرة خارج بيت الأب اللهم الا التعليم الابتدائي في المدرسة المجاورة
وما بالكم لو كانت الحماة في هذا البيت شديدة مثل جدتي يرحمها الله
وفوق كل هذا وذلك فالزوج قد خرج لتوه من سجون الزعيم الخالد بعد سبع سنين من الاعتقال والتعذيب والجميع يقولون لها أنه قد يرجع الى المعتقل في أي وقت
ومع ذلك صبرت وكانت أمها - جدتي لأمي - تدعمها بشدة معنويا طبعا فقد كان أبي لا يقبل أن يدخل بيت أي شيء الا من ماله حتى ولو كان هدية تهدى
وكانت جدتي ترفع عنها أي حرج قد يصيبها من جانب أسرتها أو من جانب أسرة زوجها لظروف إقامتها معهم
أما الزوج (أبي) الذي كان الجميع يهابه منذ كان في الثالثة عشر عندما أخرجه جدي من المدرسة في هذا السن المبكرة ليدير له المطبعة التي يملكها والتي هي رأسمال العائلة
وليعوضه عن ذلك ويعلي شأنه وهو في هذا السن أمام الجميع كان لا يناديه أمام الناس إلا إذا سبق اسمه بلقب (سي) وأمر جميع إخوته وأمه ألا ينادونه إلا بهذا اللقب
ويا ويل من خالف هذا الأمر طوال حياة جدي وحتى بعد موت جدي ظل الجميع بما فيهم جدتي ينادونه بهذا اللقب رغم أنها عاشت بعد جدي ستة وعشرون عاما
هذا الزوج كبير العائلة التي كانت مكونة مثل عائلة سيدنا يوسف من أحد عشر من الإخوة والأب والأم
وظل هكذا رغم المحاولات المستميتة من البعض أن يكون كبير نفسه بعد أن صارت هذه الكارثة موضة في المجتمع يتباهى بها السفهاء أن يكون كل واحد كبير نفسه
لم يطلب والدي هذا اللقب يوما ولم يسع اليه ولم يعاتب حتى من يخرج عليه ويتركه حتى يعود بنفسه بعد أن تضيق به الدنيا ويتخلى عنه من شجعوه على هذا
يأتي الى كبير العائلة ويبكي نادما معتذرا ويقبل كبير العائلة اعتذاره وكأن شيئا لم يكن
فإذا عوتب في سرعة تقبله للاعتذار كان يقول : يعني ارمي اخواتي
ولم يرم يوما اخوته ولا أبناء إخوته ، ولو كان هذا على حساب صحته وراحته وراحة بيته وأهل بيته
وبالفعل كان ما يتبقى لزوجته ولنا بعد عمله وواجبه نحو إخوته وعائلاتهم هو أقل القليل
وبارك الله في هذا القليل فكانت أسرته مضرب المثل في الاستقرار والمحبة بين أفرادها برغم العواصف القليلة التي قابلتها
قد يستغرب حديثي السن ومن لم يصادف من في مثل هذا الموقع الاجتماعي من قبل من هذا الحديث ، بل وقد يسخر منه
ولكني أذكرهم أن السادات وبرغم أنه كان رئيسا للجمهورية كانت أقصى أمنياته -حتى أنه كان يطلبها ويلقب هو نفسه بها- أن يصبح كبيرا للعائلة المصرية .. وفشل
وحتى قبل وفاة أبي بأقل من شهر وفي وسط آلامه ومحنة مرضه ، كانوا يأتونه بمشكلاتهم رغم تفاهتها أمام مشكلته ولم يخذلهم أبدا
وقبل وفاته بيومين كانت هناك مشكلة في المطبعة التي أفنى فيها حياته كلها ، وجاء اليه عمي كما كان يفعل دائما يسأله ماذا يفعل ؟
ولأول مرة منذ بضعة وسبعين عاما لا يجد الإجابة عند كبير العائلة .. وإنما يقول له اذهب الى أخيك فلان واسأله
وأيقن الجميع عندئذ بالنهاية المحتومة والتي كتبها الله على كل الخلائق
فيا أمي
لن أجرؤ على شكرك ليقينك أن الله قادر على شفائه رغم معرفتك بوضوح بما قاله الأطباء من عدم قدرتهم حتى على علاجه لكبر سنه وعدم تحمله للعلاج
ولن أجرؤ على شكرك لوقوفك الى جانب أبي رغم طول مرضه وشدته
ولن أجرؤ على شكرك أنه مات وهو عنك راض ويدعو لك طالبا منك أن تسامحيه على أي شيء أساء اليك فيه ويطلب منك أن تضميه الى صدرك حتى بعد دخوله للعناية المركزة أراد الله أن تكوني آخر من يراه
ولن أجرؤ أن أطلب منك الدعاء له فأنا أعلم أنك لا تفعلين الآن الا الصلاة وقراءة القرآن والدعاء له
ولكني سأطلب منك أن تسامحينا نحن وأن تضمني لنا دعاءك ورضاك عنا
وأن ترضي عن كل من مات أبي وهو عنه راض
ترى هل قلت شيئا بعد؟ ومن يستطيع؟
هل لخصت في جملي الركيكة حياة امتدت لأربعة وأربعين عاما؟ ومن يستطيع؟
هل وفيتك ولو جزءا بسيطا من حقك ؟ ومن يستطيع؟
إذن ، هل تعلمون الآن لماذا تمنيت ما تمنيته في أول رسالتي الى أمي ؟
الكل يعلم مدى صعوبة الحياة بل واستحالتها أحيانا اذا تزوجت فتاة في بيت العائلة
فما بالكم لو تزوجت هذه الفتاة في شقة العائلة ؟
وما بالكم لو كانت هذه الفتاة - مثل معظم فتيات ذاك الزمان في أواسط الستينات - خرجت من بيت أبيها الى بيت زوجها دون أي خبرة خارج بيت الأب اللهم الا التعليم الابتدائي في المدرسة المجاورة
وما بالكم لو كانت الحماة في هذا البيت شديدة مثل جدتي يرحمها الله
وفوق كل هذا وذلك فالزوج قد خرج لتوه من سجون الزعيم الخالد بعد سبع سنين من الاعتقال والتعذيب والجميع يقولون لها أنه قد يرجع الى المعتقل في أي وقت
ومع ذلك صبرت وكانت أمها - جدتي لأمي - تدعمها بشدة معنويا طبعا فقد كان أبي لا يقبل أن يدخل بيت أي شيء الا من ماله حتى ولو كان هدية تهدى
وكانت جدتي ترفع عنها أي حرج قد يصيبها من جانب أسرتها أو من جانب أسرة زوجها لظروف إقامتها معهم
أما الزوج (أبي) الذي كان الجميع يهابه منذ كان في الثالثة عشر عندما أخرجه جدي من المدرسة في هذا السن المبكرة ليدير له المطبعة التي يملكها والتي هي رأسمال العائلة
وليعوضه عن ذلك ويعلي شأنه وهو في هذا السن أمام الجميع كان لا يناديه أمام الناس إلا إذا سبق اسمه بلقب (سي) وأمر جميع إخوته وأمه ألا ينادونه إلا بهذا اللقب
ويا ويل من خالف هذا الأمر طوال حياة جدي وحتى بعد موت جدي ظل الجميع بما فيهم جدتي ينادونه بهذا اللقب رغم أنها عاشت بعد جدي ستة وعشرون عاما
هذا الزوج كبير العائلة التي كانت مكونة مثل عائلة سيدنا يوسف من أحد عشر من الإخوة والأب والأم
وظل هكذا رغم المحاولات المستميتة من البعض أن يكون كبير نفسه بعد أن صارت هذه الكارثة موضة في المجتمع يتباهى بها السفهاء أن يكون كل واحد كبير نفسه
لم يطلب والدي هذا اللقب يوما ولم يسع اليه ولم يعاتب حتى من يخرج عليه ويتركه حتى يعود بنفسه بعد أن تضيق به الدنيا ويتخلى عنه من شجعوه على هذا
يأتي الى كبير العائلة ويبكي نادما معتذرا ويقبل كبير العائلة اعتذاره وكأن شيئا لم يكن
فإذا عوتب في سرعة تقبله للاعتذار كان يقول : يعني ارمي اخواتي
ولم يرم يوما اخوته ولا أبناء إخوته ، ولو كان هذا على حساب صحته وراحته وراحة بيته وأهل بيته
وبالفعل كان ما يتبقى لزوجته ولنا بعد عمله وواجبه نحو إخوته وعائلاتهم هو أقل القليل
وبارك الله في هذا القليل فكانت أسرته مضرب المثل في الاستقرار والمحبة بين أفرادها برغم العواصف القليلة التي قابلتها
قد يستغرب حديثي السن ومن لم يصادف من في مثل هذا الموقع الاجتماعي من قبل من هذا الحديث ، بل وقد يسخر منه
ولكني أذكرهم أن السادات وبرغم أنه كان رئيسا للجمهورية كانت أقصى أمنياته -حتى أنه كان يطلبها ويلقب هو نفسه بها- أن يصبح كبيرا للعائلة المصرية .. وفشل
وحتى قبل وفاة أبي بأقل من شهر وفي وسط آلامه ومحنة مرضه ، كانوا يأتونه بمشكلاتهم رغم تفاهتها أمام مشكلته ولم يخذلهم أبدا
وقبل وفاته بيومين كانت هناك مشكلة في المطبعة التي أفنى فيها حياته كلها ، وجاء اليه عمي كما كان يفعل دائما يسأله ماذا يفعل ؟
ولأول مرة منذ بضعة وسبعين عاما لا يجد الإجابة عند كبير العائلة .. وإنما يقول له اذهب الى أخيك فلان واسأله
وأيقن الجميع عندئذ بالنهاية المحتومة والتي كتبها الله على كل الخلائق
فيا أمي
لن أجرؤ على شكرك ليقينك أن الله قادر على شفائه رغم معرفتك بوضوح بما قاله الأطباء من عدم قدرتهم حتى على علاجه لكبر سنه وعدم تحمله للعلاج
ولن أجرؤ على شكرك لوقوفك الى جانب أبي رغم طول مرضه وشدته
ولن أجرؤ على شكرك أنه مات وهو عنك راض ويدعو لك طالبا منك أن تسامحيه على أي شيء أساء اليك فيه ويطلب منك أن تضميه الى صدرك حتى بعد دخوله للعناية المركزة أراد الله أن تكوني آخر من يراه
ولن أجرؤ أن أطلب منك الدعاء له فأنا أعلم أنك لا تفعلين الآن الا الصلاة وقراءة القرآن والدعاء له
ولكني سأطلب منك أن تسامحينا نحن وأن تضمني لنا دعاءك ورضاك عنا
وأن ترضي عن كل من مات أبي وهو عنه راض
ترى هل قلت شيئا بعد؟ ومن يستطيع؟
هل لخصت في جملي الركيكة حياة امتدت لأربعة وأربعين عاما؟ ومن يستطيع؟
هل وفيتك ولو جزءا بسيطا من حقك ؟ ومن يستطيع؟
إذن ، هل تعلمون الآن لماذا تمنيت ما تمنيته في أول رسالتي الى أمي ؟
كان الله في عون حضرتك وعون والدتك
ReplyDeleteبجد والد حضرتك مضرب للامثال
ووالدة حضرتك برضه
ربنا يرحم والدك
ويجزي والدتك الثواب
ويصبر حضرتك واخواتك
أخي حسن
ReplyDeleteجزاكم الله خيرا
وإن الملائكة لتؤمن على دعائك فتقول لك ولك بمثل
-------------------------
أرجو أن ترسل لي بريدك الإلكتروني على عنواني
abonazzara@gmail.com
لأن هناك موضوعا أود أن أتناقش معك فيه إن أذنت لي
تقبل تحياتي واحترامي
اخي حسام رحم الله والدك
ReplyDeleteواطال الله عمر والدتك ورزقك حسن برها فانا اشهد انها كانت تعاملنى انا وثالثنا اسامة كأم لنا نحن الثلاثة ووصيتى لك ان تلزم رجلها فثم الجنة
اخوك
سيد
المرأة الوحيدة التى تستقيم لك:أمك
ReplyDeleteالمرأة الوحيدة التى لاتكفر عشرتك:أمك
المرأة الوحيدة التى تعطيك من غير أن تأخذ:أمك
المرأة الوحيدة التى لم تخلق من ضلع أعوج:أمك
ربنا يرحمها ويجزيها خيرا ويدخلها فسيح جناته
ReplyDeleteامين امين امين
أخي سيد
ReplyDeleteجزاكم الله خيرا
هي فعلا كانت ومازالت تعتبركم أبناءها ، وهي تسأل عنكم حتى الآن ، وتتذكر الأكلة المفضلة لدينا
وإن كان الحزن يمنعها من أن تعرض كعادتها أن تدعونا الى تناولها
ادع الله لها بالصبر
ورحم الله والدي ووالديك روزقنا برهما أحياء وأمواتا
تقبل تحياتي واحترامي
أستاذنا د.توكل
ReplyDeleteقرأت الثلاثة سطور الأولى وأعجبوني أما السطر الرابع فقد أثار في نفسي ونفس العديد من الإخوة التساؤلات عن معناه
وأعتقد أننا لو قلنا أن المرأة الوحيدة التي لا تعاملك كامرأة خلقت من ضلع أعوج هي أمك " لاستقام الأمر
أم أننا لم نستطع الغوص الى العمق المقصود في العبارة
جزاكم الله خيرا على تدوينتكم الرائعة بجزئيها عن حب الموت
وجعلهما في ميزان حسناتكم يوم القيامة
تقبل تحياتي واحترامي
د. توكل
ReplyDeleteمازلت ومازال غيري في انتظار استكمال تدوينتكم القيمة عن الشيعة
فلا تحرمنا منها يا سيدي
بارك الله لك في وقتك وجهدك
أخي : اوعى تفكر
ReplyDeleteويرحمنا جميعا أحياء وأمواتا ويدخلنا وإياكم فسيح جناته اللهم آمين
جزاكم الله خيرا
تقبل تحياتي واحترامي
أخي حسام
ReplyDeleteتقبل الله من الوالدة الكريمة عملها وجهدها وصفاء نفسها
ووالله إن الاجر لا يكون إلا في الآخرة
(وأعد الله للمؤمنين أجرا عظيما)
تقبل سلامي
أخي د.ايهاب
ReplyDeleteأسأل الله أن يتقبل منا ومنكم الدعاء
وأن يرحم آباءنا وأمهاتنا وكل من له فضل علينا
وأن يرزقنا برهم أحياء وأمواتا
آمين
جزاكم الله خيرا
وحمدا لله على سلامتك
لك خالص التحية والاحترام
البقاء لله فى الوالد الكريم وأسكنه الله فسيح جناته
ReplyDeleteوبارك لك الله فى والدتك ورزقها برك
وأشهد أن شخصكم الكريم الراقى فى معاملاته المحترم والمهذب لا يأتى إلا من تربيته فى بيت مثل بيتكم
أخي أبو سيف
ReplyDeleteأسعد دائما بزياراتك الكريمة على قلتها
لأنها تستدعي لي ذكريات سعيدة
فالفضل لله ثم لك في دخولي عالم التدوين ثم فيما وصلت اليه المدونة من شكل
فجزاك الله خيرا
وأسأل الله أن يرزقنا جميعا بر آبائنا وأمهاتنا أحياء وأمواتا
وجمعنا الله وإياكم معهم في الفردوس الأعلى
وغفر الله لي مالا تعلم وجعلني أفضل مما تظن وأسأله سبحانه ألا يؤاخذني بما تقول
لاتغب علي فأنا أفتقدك كثيرا
تحياتي الى الوالد الفاضل أعزه الله وأكرمه
ولسيادتكم خالص التحية والاحترام
كل عام وانت طيب
ReplyDeleteوأنت طيب يا طيب
ReplyDeleteالأمر كما ذكرت
ReplyDeleteإن الكلام حقيقة ومجاز ، وقد أردت نفي المعنى المجازي ، أما المعنى الحقيقي فليس بوسع أحدٍ أن ينفيه .
أما موضوع " الشيعة " فسيأتي في وقته إن شاء الله
تقبل تحياتي؛
أخي الحبيب / حسام
ReplyDeleteلا أدري كيف أصف شعورى وأنا أقرأ كلماتك الرقراقة عن أبيك رحمه الله وعن أمك أدام الله صحتها وعافيتها
فهى الأم دائما التي تعطي بغير انتظار رد وهى الشمعة التي تحترق كي تضيء للأخرين ولكن يا سيدي ليست هذه كل أم بل هى من حافظت على فطرتها نقية صافية بغير كدر ولا اعوجاج والتي سلمت وجهتها لله سبحانه وتعالي تنقاد إليه حيث يشاء
تقبل الله أخي من والدتك صالح أعمالها ووفاءها لزوجها وأنعم عليكم بفضيلة برها
ونسأله تعالي أن ينعم عليك بالذرية الصالحة التي تنعم معها بلذة العطاء بدون انقطاع
اخوك
أبو النجا
;كل عام وانت بخير
ReplyDelete