Wednesday, December 26, 2007

عبقرية النيــــــــــــــــــــــام

قرأت هذا المقال فأعجبني وإن لم أجد اسم كاتبه ، فأرجو أن يسامحني
---------------------------------------------------------
كثير منا لا يطيق التفكيرلأنه أشق أعمال العقل..
مع أن المجتهد إذا أخطأ خير من المقلد إذا أصاب، فالأول يخطىء عن علم ، والثاني يصيب عن جهل كما قال الإمام ابن حزم.
نحن من حصرْنا معركتنا الحضارية الكبيرة في معارك منهِكة صغيرة ، ونسينا أن معركة الدم- ولاأهوِّن من أمرها- ليست بأهم من معركة الدمع والعرق والمداد.. ونسينا أن يمين النبي عليه الصلاة والسلام التي حفرت الخندق في الجهاد، هي اليمين ذاتها التي حملت لبِنات المسجد فأعلت البناء.
نحن من نبدّد الوقت وكأنه عدو لنا، مع أنه أغلى من الجوهر، فبحسن استغلاله يُنال رضوان الله.
وكثير منا لايعرف ثمناً للزمن الهارب ، وكم نضيع الأعمار النفيسة في آمال زهيدة وأعمال غيرمفيدة ، ثم ننتظر أكبر النتائج من ضعيف الهمم و الأفكار .
وكم نفشل لأننا لم نعتد أن نخطّط للمستقبل ، وكأننا لا نخطط إلا للفشل!..
وكم نبدأ الرحلة في أعمال لو اجتمعت لكشفت الغمة عن قلب الأمة ، ثم يا أسفا لا نكمل لمشوار !
كثير منا يكاد يقدّس الأشخاص وينفي الخطأ عنهم ، فلكلٍّ إمامُه المعصوم الذي يُستدَّلُ بقوله ،ولا يُستدَّل له!..
نحن من نحفظ أكثرمما نفكّر ، ونقلد أكثر مما نبتكر ، و نبرّر للصديق ولا ننصحُه ،ونُطريه ولا ننقدُه ،ونظلم الخصم ولا ننصفُه ..
نحن من تغرينا الثمرة ، وننسى أن هناك ثمة بذرة..
نحن من نتطلع إلى العناوين ونتعامى عن المضامين ..
نحن من ننظر إلى الأشخاص لا إلى الأفكار .. وننظر إلى الذات وليس إلى الموضوع ..
نحن من أتقنّا التجهّم والعبوس والغرق في بحار الدموع ، مع أن ديننا هو الدين الوحيد الذي أدخل الابتسام في نظام العبادات.
وكثير منا إذا ما التزم بالدين يتراجع؛ فإن كان قوياً يغدو ضعيفا، وإن كان بسّاماً يغدوعبوساً قمطريرا، وإن كان متميزاً في النجاح يصبح متميزاً في الفشل والانحسار!
نحن من أسقطْنا القلم ، فأسقطنا من بعده اللواء.
أمة القرآن ، لم تعد تقرأ !
وأمة سورة الحديد، صارت أضعف الأمم.. !
وأمة سورة العصر ، لا يحلو لها العيش إلا خارج العصر .. !
إن دارنشرٍ واحدةً في فرنسة ، تنشر أكثر مما تنشر مطابع الوطن العربي كلها !
وإن رواية واحدة للكاتبة البريطانية ج. رولنج طُبع منها مائتا مليون نسخة بستين لغة عالمية.
فهل استطعنا نحن أن نوصل صوت نبينا إلى العالم ؟!
وهل نفّذنا وصية الرسول الخاتم خَلّوا بيني وبين الناس؟!
الجواب مرعبٌ ومخزٍ وحزين..
يا ويلتا! أعجزنا أن نكون مثل باقي الأمم؟!.
نحن الذين لا نبالي بسمعة الإسلام في العالم ..
وإذاما فتنَنا الغربيون ببريق حضارتهم ، فلقد فتنّاهم بظلام تخلّفنا..
وشكّلنا بتخلفنا مرآةً مبعِّدة مشوِّهة لا تعكس أنوار الإسلام ، بل ظلماتِ المسلمين ..
لقد كنا بحق فتنةً للقوم الظالمين..
نحن من ننام في النور، أما الآخرون فيستيقظون في الظلام!
بأيْماننا نوران ؛ ذكرٌ وسُنةٌ *** فما بالنا في أحلك الظلماتِ ؟!
وليت شعري من أولى بالنصر؛ أهل الباطل العاملون، أم أهل الحق الخاملون ؟
نحن لا نكاد نلقي بالاً للجمال الذي بثّته رحمة الله في أمداء الكون وفي أطواء الحياة ..
ولا يستوقفنا الذوق النبوي الرفيع ، ولا يغرينا جمال إماطة الأذى عن طريق المؤمنين .
نحن الورثةُ الغثاء.. لترِكةٍ كلّها علمٌ ونورٌ ونقاء ..
نحن من انطفأت في آفاقنا شموس العبقرية، حتى لا نكاد نلمح إلاعبقرية النيام!.
اللهم أنت تعلم أني مااغتبتُهم إلا فيك.. وتعلم أنه لا ثقةَ لنا إلا في رحمتك.. فأنت وحدك القادر على أن تردّ شباب هذه الأمة وبناتها إلى أنوار الكتاب، وإلى عالم المحراب.
اللّهم فزيّنْ أقلامهم باليقين .. وثبّت أقدامهم في الميادين ..
وأعنهم كي يُخرجوا من أغوارهم كلّ طاقاتٍ خفين ..
اللّهم هبّ عوامنا العلم..
وهب علماءنا العمل..
وهب عاملينا الإخلاص..
وهب مخلصينا الصوابَ والتميّز في النجاح

وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

حملة دولية للإفراج عن الإخوان المحالين للقضاء العسكري في مصر

دشن موقع ملتقي الإخوان

حملة دولية للإفراج عن 40 من الإخوان المسلمين المصريين المحالين للقضاء العسكري

وأطلق عليها اسم

أفرجوا
http://www.release40.com/html/ar/Main.html

والحملة بثلاث لغات عربي - انجليزي - فرنسي

والحملة تعرض
للظلم الواقع علي الإصلاحيين المدنيين المحالين ظلما للقضاء العسكري

كما تعرض لسيرهم الذاتية

وسير القضية والمحاكمات

وتطلق ثلاث رسائل تفاعلية موجهة

للرئيس مبارك صاحب القرار الظالم والقادر علي الغائه

وللمنظمات الدولية للتضامن والتبني

ولعموم الناس للمناشدة بالافراج عنهم

فلا تحرم نفسك الأجر

وشارك
--------------------------------------------------------------------------------------
نقلا عن مدونة غربة للدكتور / أحمد عبد العاطي

Saturday, December 15, 2007

الداعية المحمول



أ. فتحي عبد الستار

تجدون الناس كإبل مائة، لا يجد الرجل فيها راحلة، بهذه الكلمات الموجزة البليغة، وصف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حال ركب الدعاة في كل عصر. وإن كانت كلماته ـ صلى الله عليه وسلم ـ تلك تنصرف على الناس في كل أحوالهم ومجالات حياتهم، إلا أنها بحال الدعوة ألصق، وبمجال العمل في سبيل الله عز وجل أوثق.

يقول اللغويون في تعريفهم للراحلة: هي البعير النجيب المختار، كامل الأوصاف، الحَسَن المنظر، القوي على الأحمال والأسفار، وإذا كان في إبل عرف، لقلته وندرته.

والرواحل من الدعاة تجدهم كذلك فعلاً، فهم نجباء مصطفون، يقتربون من الكمال، حَسُنت ظواهرهم التي تشي بحسن باطنهم، تجد منهم - وإن كان في بدنهم ضعف- القوة والجلد على حمل أعباء الدعوة، والقيام بها على أفضل ما يكون، لا يعرفون تعللا ولا اعتذارا، وليس في قاموسهم القعود ولا النكوص، يُعرفون في جموع الدعاة ويبرزون كعلامات وشامات، دون إعلان عن أنفسهم، يشقون للدعوة، ويمدونها بعصارة نفوسهم.

وليت هؤلاء الرواحل من الدعاة يحملون أنفسهم وأحمالهم هم فقط، ويؤدون واجباتهم هم فقط، وإنما الواقع أنهم في الأغلب الأعم- لتخاذل البعض وتكاسله وتوانيه- ينوءون أيضا بحمل غيرهم وأثقالهم، وأداء واجبات هؤلاء الأغيار من الغثاء المحمول.

وليت هؤلاء المحمولين اكتفوا بإلقاء أحمالهم وساروا على أرجلهم، فكفوا الرواحل أنفسهم، ولكن هذا الصنف يأبى إلا أن يركب ويتصدر، دون أن يكلف نفسه جهدا، ولا نفقة من وقت أو مال، مطلقين ألسنتهم الحداد بالسوء من القول في حق من يحملونهم، إن توجع هؤلاء الرواحل أو صدر عنهم الأنين من ثقل ما يحملون!!.

هذا صنف، وهناك صنف آخر من المحمولين، لا يقل خطرهم عمن ذكرنا أولاً، وهم لا شك يمثلون عقبة في طريق الرسالة، وثقلاً فوق ظهور الرواحل، إنهم صنف قبع خلف أسوار نفسه، واستراح في ظلال الدنيا، تجدهم يحملون ألقاب الدعاة، مكتفين بشرف الانتساب، ولا يملون من التغني ليل نهار بهذا الشرف، ولسانهم لا يمل من الثناء على المثل العليا من الدعاة والمصلحين في الماضي والحاضر، وحكاية ما يبذلون ويقدمون، ممصمصين شفاههم، دون أن يؤدوا ما يفرضه عليهم هذا الانتساب الشريف من تبعات، باذلين الأعذار الواهية، والحجج المائعة، متواكلين على أن هناك غيرهم من الدعاة من يقومون بالمهمة دونهم، فهناك من يفكر عنهم، ويقرر عنهم، بل وينفذ عنهم، عطلوا عقولهم، وأنكروا قلوبهم، وشلوا جوارحهم، وأخرسوا ألسنتهم إلا عن مهاجمة من يريد تحريك ساكنهم، وإحياء مواتهم، وتنبيه حواسهم، متهمين إياه بالاندفاع تارة، وبضعف ثقته بالقيادة والمنهج تارة أخرى!!.

شبهة وردها

ربما يقول البعض - مريحا نفسه من عناء الإصلاح، أو يائسا من إجراء التغيير- بأن هذه الندرة في الرواحل سنة إلهية، وفطرة طبيعية، وناموس كوني لا ينبغي لنا أن نصادمه أو نعمل على تغييره، وأن مسألة عدد العاملين والمجاهدين ليست مطروحة في المنطق الإسلامي، فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ... إلخ، ولكن - حسب ما أتصور - أن هذا يصح عندما تكون هذه الفئة القليلة كلها - أو الأكثرية الغالبة منها على الأقل- من الرواحل، وليس العكس، بأن يكون هناك بضع رواحل، والأكثرية الغالبة محمولة على ظهور هؤلاء الرواحل.

والأعداد فعلاً لا نعتبرها عندما تكون المواجهة بين الدعوة وأعدائها من الخارج، مصدقين بقول ربنا، ومؤمنين بوعده لنا، ولكنها لا شك تكون معتبرة عندما يتعلق الأمر بالحسابات الداخلية للمنتمين لهذه الدعوة، والذي يحسبون عليها بأنهم من حملتها والقائمين بشئونها، والمجاهدين في سبيلها.

ولا شك أن ظاهرة المحمولين تؤثر تأثيرا بالغا وخطيرا على سير العمل الدعوي، وعلى إنتاجه، وعلى أفراده أيضا، ومعرفة بعض هذه الآثار قد يدفعنا للسعي الحثيث لتجنبها بعلاج هذه الآفة في الحقل الدعوي، ومن أهم هذه الآثار:

- إعاقة إخوانهم من الدعاة الرواحل، وعرقلة جهودهم، وإبطاء سيرهم، والحد من قدرتهم على الاستمرار بأحمالهم الزائدة.

- إشاعة العدوى بين الدعاة، فقد ينقل هؤلاء المحمولون آفتهم إلى إخوانهم من الدعاة المخالطين، ممن ضعفت مناعتهم، وفترت هممهم، فيصيرون قدوة للكسالى وفاتري الهمم.

- تضييع الأوقات واستهلاك الطاقات في حل ما يثيره هؤلاء الأفراد من مشكلات، مما لو أنفق بعضه في الدعوة لحققت إنجازات قيمة ونجاحات طيبة.

الأسباب أولاً

وإذا أردنا الوقوف على علاج لظاهرة المحمولين، نخفف به عن ظهور الرواحل، ونضيف إليهم من يحمل معهم، فلا بد أن نعرف الأسباب أولاً لنتجنبها، ونحصن الدعاة منها، مع اعتبار أن ظهور كل صنف من هؤلاء المحمولين له أسبابه التي تختلف عن أسباب ظهور الصنف الآخر، ولكننا نجمع في حديثنا بين الصنفين، لأن آثارهما واحدة في الغالب، ومن تلك الأسباب:-

- الوهن القلبي، بحب الدنيا، والغفلة عن الموت والاستعداد له.

- فساد النية عند المنتسب للدعوة، باتخاذها إما وظيفة ينال عن طريقها المال، أو كوسيلة للظهور والشهرة، أو لاكتساب وجاهة اجتماعية، فأمثاله يريدون الدعوة أن تخدمهم، لا أن يخدموها هم، ويعيشون عليها لا لها، مثلهم كمثل الطفيليات التي تتغذى على غيرها، فهم في الدعوة وليسوا منها، والدعوة عندهم - كما يقول الدكتور فتحي يكن - : كالزهرة يضعونها في عروة ردائهم، مصدراً للجمال، يلفتون بها الأنظار، وينتزعون بها الإعجاب، فإذا ذبلت رموها، وبحثوا عن وردة جديدة أو دعوة جديدة، هم الذين يحرصون على أن يُنتخَبوا في كل مجلس إدارة، وأن يمثلوا في كل وفد، وأن يحضروا كل اجتماع.

- تشوش الرؤية، وافتقاد الوجهة، والجهل بطبيعة طريق الدعوة، ومتطلبات السير فيه، والتضحيات الواجبة على سالكه.

- انشغال الفرد بأعماله الدنيوية انشغالاًَ مبالغاً فيه، والنهم في جمع المال، والغرق في تلبية ملذاته وشهواته، وانتقال هذا بتأثير متبادل إلى أهله وذريته (إنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) [التغابن: 15].

- تأثير البيئة التي ينحدر منها الداعية، وطبيعة النشأة الأسرية والمجتمعية، وما تأصل فيه من طباع سلبية، كل هذا قد يترك أثرا في الداعية حتى بعد انتسابه للدعوة، ويأخذ وقتا طويلاً وجهدا جهيدا لعلاجه منها.

- استعجال المربين في الحكم على المبتدئ، من خلال مواقف ومعايشات سطحية، واختبارات تمثيلية غير حقيقية، مما يؤدي إلى الزج به في أعمال ومسئوليات أكبر منه، قبل إنضاجه جيدا، وإكمال تربيته.

ولا شك أن هذه الأسباب كلها منشؤها واحد، وهو ضعف التربية الأولية التي يتلقاها الداعية في بداية ارتباطه بهذه الدعوة، وإهمالها لصالح الأعمال والإداريات، وعدم توفر المربي الكفء الذي يربي الدعاة على نهج سليم، فيقوم بالمهمة أناس إما أدعياء، وإما مساقون مضطرون، أو اضطرت الدعوة إليهم، فألقت بهم لاحتلال مواقع المربين، وهم للتربية أحوج، فيؤصلون في الأفراد قيما فاسدة، ويعطون من أنفسهم قدوات معيبة.

أعراض ومظاهر

فإذا توفرت هذه الأسباب أو البعض منها، تبدأ الأعراض في البروز، وهي مؤشرات ينبغي أن يلتفت إليها المربون ليتعاملوا معها مبكرا قبل استفحالها وتمكنها من الداعية، ومن هذه الأعراض:-

- خفة الهم الدعوي، وعدم استشعار عظمة ما يحمل من رسالة، فالدعوة وشئونها لا تحتل مكانا في قلب هذا الداعية المحمول ولا في عقله، فلا نجده يتأثر إيجابا بنجاح تحققه، أو بفتح قامت به، ولا سلبا بإخفاق تتعرض له أو بمحنة تبتلى بها.

- عدم إتقان واجباته الدعوية، هذا إن قام بها أصلاً، فضلاً عن إهماله وتخليه عن الكثير منها بالكلية.

- الاتكالية والسلبية، وافتقاد الذاتية، فهو لا يتحرك إلا بتكليف، ولا يعمل إلا حرجا من المحاسبة.

- إعطاء الدعوة فضول الأوقات، وفضول الطاقة، وفضول المال، والدعوة لا تقتات أبدا بالفضلات، وتأبى إلا أن تطعم بالمكارم والنفائس (لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) [آل عمران: 92].

- كثرة الأعذار الواهية والحجج الباطلة في التخلف عن أداء تكاليف الدعوة، يسوقونها بينهم وبين أنفسهم، أو يتعللون بها للناس تخلصا من المعاتبة والمحاسبة.

- كثرة النقد بحق وبدون حق، والتنظير الدائم دون عمل، وتلمس العيوب والأخطاء والمثالب، وتضخيمها، دون اقتراح حلول أو بدائل.

- رفض النصيحة، والغضب من التذكير، وضيق الصدر من العتاب.

- الاستشراف للقيادة، وحرصه عليها، وطلبه إياها دون امتلاكه لمقوماتها، والقعود والإهمال إن تولاها غيره.

- الجزع عند الابتلاءات، والانهيار السريع أمام الفتن والمحن، (ومِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ ولَئِن جَاءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ العَالَمِينَ) [العنكبوت: 10].

- المن على إخوانه الدعاة وعلى دعوته بالقليل الذي قد يقدمه، وتضخيم أعماله وإن كانت هينة، وهي في أغلبها هينة.

كيف العلاج؟

وبمعرفتنا للأسباب والمظاهر، يسهل علينا العلاج، فهو لا يكون إلا بتجنب الأسباب والقضاء عليها، والالتفات للأعراض والانتباه لها أولاً بأول، وعلاجها قبل أن تستفحل.

وهذا كله طريقه واحد، هو التربية، ثم التربية، ثم التربية، والاهتمام بتجويد عناصرها، من مربين، ومناهج، وبيئة مساعدة، بشكل متواصل، وبالتوازي مع الأعمال، مع التذكير الدائم بقيمة الرسالة، والغاية، والمتابعة، والتقويم المستمر والمراجعة لكل عناصر العملية التربوية، وتعديل ما يحتاج منها إلى تعديل، اتساقا مع المتغيرات، دون تفريط في الثوابت الحقيقية، لا ما يظنه البعض ثوابت، والمحاسبة أولاً بأول، بالحزم والشدة تارة، وبالعاطفة واللين تارة أخرى، حسبما يحتمل الموقف، مع اعتماد المصارحة والشفافية، في ضوء ما أرشدنا إليه ديننا من أخلاق، وما تفرضه علينا أمانة الدعوة من واجبات.

هذا، وإلا فإن دعوة يعشش في جنباتها هؤلاء المحمولون، ويركبون ظهور رواحلها، أعتقد أنها لا ترتجي بلاغا لرسالتها على الوجه الأكمل، ولا أداء لأمانتها كما ينبغي، وستظل تُستنزف في طاقاتها، وأوقاتها، وأموالها، وكلما زاد عدد المحمولين كلما أبطأت الرواحل، وطال الطريق، ولم تشرق له نهاية، ولم يبزغ لسعيها فلاح.

نسأل الله عز وجل أن يستعملنا ولا يستبدلنا، وأن يجعلنا من الذين يحملون دعوته، ويبلغون رسالته.

Thursday, December 13, 2007

شيخي وسيدي : الشيخ مصطفى محمود


هذا الرجل أذكره كثيرا هذه الأيام
الشيخ مصطفى محمود
من علماء الأزهر الشريف
حاصل على شهادة العالمية من الأزهر
ثم درس للحصول على الشهادة العالية ، وهي حسب قوله توازي الآن شهادة الماجستير
تعرفت عليه مع صديقي سيد وأسامة منذ عام 1982
وكنا في الصف الثاني الثانوي
كنا نذهب اليه في مسجد العلايا الكائن بسوق العصر حيث كان إمامه وخطيبه
وكنا نحضر درسه الاسبوعي ، وكذلك خطبة الجمعة
وكنا نذهب اليه قبل الخطبة بساعة وربما بأكثر من ساعة ، ونجلس معه ، نسأله في كل شيء ويجيبنا عن كل تساؤلاتنا مهما كانت سخيفة أو محرجة
أذكر أنني مرة كنت قد قرأت في كتاب إحياء علوم الدين (وكان هو الذي أرشدنا الى قراءته) كنت قد قرأت جملة تقول ان افشاء سر الربوبية كفر ، ولم أفهم معنى هذه الجملة وقتئذ -وحتى الآن طبعا - فسألته عنها في ملأ من تجار الحديد الذين هم بالكاد يصلون
فضحك بشدة وقال لي "والله انت بتلاقي حاجات غريبة في الكتب" ثم حاول أن يضيع الموضوع
ولكني برخامة شديدة كنت مصرا على معرفة الإجابة
فغضب - وكان نادرا ما يغضب - وقال لي "هو احنا خلاص عرفنا وعملنا كل حاجة وفاضل سر الربوبية ، وبعدين يا أخي لما هو افشاؤه كفر عايزني أقول لك عليه ازاي ؟" فسكت ولم أتكلم في هذا الموضوع بعد ذلك
لم يكن ينغص علينا جلوسنا معه الا "الشيخ فتحي" خادم المسجد سابقا ومقيم الشعائر حاليا
الذي كان لسبب لا نعلمه يعتبر نفسه ندا للشيخ مصطفى
وكان يسعد جدا اذا تخلف الشيخ عن خطبة الجمعة ، ويعتبر أن هذه فرصته
فيجلس في حجرة الشيخ ، ويخرج جميع كتب الشيخ من الصندوق ، ويفتحها ويبدأ في القراءة منها بصوت عال استعدادا لخطبة الجمعة
حتى اذا حان موعد الصلاة ، ارتدى الشيخ فتحي الملابس الأزهرية التي يرتديها في المناسبات فقط ، ووضع العمامة على رأسه ، ثم توجه صاعدا المنبر.
ويسلم الجميع أمرهم الى الله ، ويبدأون في الاستعداد للابتسام مالم يكن الضحك ، فالخطبة هي هي التي يلقيها منذ سنين مهما حاول أن يغير فيها ، فلا يلبث بعد بضعة دقائق أن يعود الى الكلام المحفوظ عن النفس التي تنقسم الى ثلاثة أنواع
وأذكر أنه مرة أراد أن يقلد الشيخ كشك في افتتاحه للخطبة وكان الشيخ كشك يقول من الواحد فيرد الناس الله وهكذا مع باقي الاسماء الحسنى
الا أن الشيخ فتحي صاح فينا بقوة : من الله ؟ وأسقط في يد الجميع فلم يعرف أحد ماذا يقول له
ولما أشتكى الناس للشيخ قال لهم : كنتم قولوا سبحان الله
وكان الشيخ مصطفي يعامل الشيخ فتحي كما يعامل الطفل الصغير
وكثيرا ما كان الشيخ فتحي يتطاول على الشيخ مصطفى ، وكثيرا ما كان ينالنا من هذا التطاول نصيب
المهم أنه وبعد سنوات رائعة الجمال عشناها مع هذا العالم الجليل ، أقصد الشيخ مصطفى محمود طبعا ، طلب نقله الى بلده في الصعيد ليعمل هناك مأذونا شرعيا ، بعد أن ضاقت به سبل العيش في القاهرة ، حيث لا كرامة لعالم ولا لإمام مسجد
كان الرجل متعففا عن أموال التجار وعطاياهم ، وكان كريم النفس عزيزها ، يقبل الهدية بشق الأنفس ، ولولا سنة النبي في قبول الهدية ما أظنه قبلها
وقد وفقنا الله الى هذا الشيخ العظيم في فترة عصيبة من حياتنا ، حيث كانت الجماعات الاسلامية على أشدها حتى عبر الشيخ وجدي غنيم -حفظه الله- عن هذه الفترة أنه كان اللي يصحى بدري الأول يعمل جماعة ، ولكن بفضل الله حافظ لنا هذا الشيخ الجليل على الوسطية في قلوبنا وعقولنا ، وكان يقف بشدة أمام أي رأي يجده يجنح عن هذه الوسطية التي كانت تميزه عن غيره
حتى جاء اليوم الذي سألناه فيه سؤالا مباشرا - وكنا في أولى سنوات الجامعة - عن الجماعات العاملة على الساحة وهل ينصحنا بالانضمام الى أي منها ؟
وفاجأه السؤال ففكر قليلا ثم أخذ يحدثنا عن دور كل مسلم في الحياة ، ثم سرح بخاطره الى شبابه وقال لنا : زمان واحنا في الأزهر كان معظم الطلبة من الاخوان المسلمين ، لغاية ما جاء عبد الناصر وبدأ في القبض على الاخوان ، وكان مهتما أكثر بالتنكيل بالاخوان من الأزهريين . ثم تغير وجهه وهو يتذكر زميله في السكن الذي كانت بطنه مفتوحة من العملية الجراحية وجاء الزبانية ليقبضوا عليه ، ولم يرحموا ضعفه ومرضه وأخذوه وبعد أيام علموا بوفاته . ثم يضيف الشيخ مصطفى : من يومها قررت أكون في حالي وأبعد عن كل الجماعات
فسألته مداعبا ومحاولا أن أخرجه من ذكرياته الأليمة : ولكن حضرتك ما اتقبضش عليك ؟
فرد في ضيق : مافيش حد من الأزهر ما اتقبضش عليه في الأيام دي ، بس أنا استعبطت فخرجوني بسرعة
فقال له سيد : يعني جماعة الاخوان ناس كويسة ؟
فرد الشيخ : والله هم ناس أفاضل وبيدعو الناس الى الأخلاق الحسنة وتاريخهم معروف ، بس أنا شايف انكم تكملوا دراستكم الأول وبعدين لما تتخرجوا ابقوا فكروا في المواضيع دي . وانتهت المناقشة عند هذا الحد
ولكن الاخوان كانوا في قلب الشيخ مصطفى ، وهو امام المسجد الملاصق لقسم بولاق أبو العلا والذي يصلي معه الجمعة مأمور القسم والمعاون وجميع رجال الشرطة في القسم ، ومع ذلك
عندما ذهبنا اليه يوم الجمعة 23 مايو عام 1986 وكنا في شهر منتصف شهر رمضان وأخبرناه بوفاة الأستاذ عمر التلمساني عليه رحمة الله حزن حزنا شديدا ، ثم المح في خطبته الى الحدث ثم فوجئنا به بعد انتهاء صلاة الجمعة يقف ويمسك الميكروفون ويقول : سنصلي صلاة الغائب على الأستاذ عمر التلمساني ، وهو كما تعرفون المرشد العام للاخوان المسلمين
ووسط ذهول الحاضرين ومنهم ضباط القسم صلى الشيخ مصطفى صلاة الغائب ، وصلى معه السادة الضباط كلهم

وقد علمت منذ أيام من الشيخ فتحي أن الشيخ مصطفى محمود قد توفاه الله
فرجاء لكل من قرأ هذه التدوينة أن يقرأ الفاتحة للشيخ الجليل وأن يدعو له بالخير فقد كان (رحمه الله) يستحق هذا الخير



Saturday, December 1, 2007

فلنحارب الترهل قبل أن يقتلنا


فقد اتزانه في تناول الطعام ، فهو يأكل أي شيء وكل شيء فقد الهاه التكاثر ، ففقد حتمية الانتقاء لما يفيد ويبني الجسم ، أغراه طعم التيك أواي والبيتزا والدهون وحسب أنها للذة طعمها صحية، غرته البهرجة على أغلفة الطعام المحفوظ ،وخدعته الطنطنة الفارغة من الاعلانات ، وذلك اما لقلة خبرته أو لشدة شهوته ، وما علم أن من اخترعوا هذه الأصناف يشكون مر الشكوى من آثارها وممن أدمنوا عليها فأهلكتهم .
تراكمت الدهون في جسده ، وصار جسده مترهلا ضخما ، هذه الدهون لا فائدة منها على الإطلاق بهذه الصورة للجسد ، بل على العكس فهي حمل زائد على العمود الفقري وعلى عظام الركبة ، وهي لا تكتفي بذلك بل تترسب على جدران الشرايين مسببة تصلبها ، وكذلك تلهي الكبد عن مهمته العظيمة والرئيسة في تخليص الجسم من السموم
ثم لا تكتفي هذه الدهون عديمة القيمة بما تفعل ، وانما تشعل الجسد صراعا فتتسبب في زيادة الكوليسترول ، وفي ارهاق القلب ، وارتفاع ضغط الدم والسكر وينتقل الجسم من مرض الى آخر فتثقل حركته وتكون هذه فرصة للدهون لتتراكم أكثر وأكثر ، وتضغط على الجسم أكثر وأكثر حتى تتركه جثة هامدة .
السؤال الآن من الذي قتله ؟ هل قتل نفسه أم قتلته نفسه ؟ لا .. لا .. لا تقل قتلته الدهون ، فالدهون كانت أضعف من أن تقتله لو عقل وقاوم ولم يترك شهوته تتحكم فيه .
اذن فما العلاج الناجح الذي يقي الجسم من الهلاك ؟
أحسب أن العلاج يتكون من عدة خطوات وهي :
1- التخلص الفوري من الدهون المتراكمة والمتمثل في عملية شفط دهون محترمة من مناطق تكدسها والإلقاء بها فورا – غير مأسوف عليها – الى سلة المهملات
2- وضع ورقة واضحة لا لبس فيها توضح النوعيات الجيدة والصحية من الطعام التي يصلح أن يتناولها الجسد السليم والتي تساعد في بنائه ونموه وليس في هدمه.
3- أن يوقن الجسم أن العبرة ليست بكمية الطعام ولكن بنوعيته الجيدة ، وأن يفطم عن شهوة التكاثر والاستزادة
4- أن يخضع الجسم لجدول واضح من الرياضة التي تهذب أعضاء الجسم وتخلصها من الدهون التي قد تكون مازالت عالقة بها ، مع المداومة على هذه الرياضات ، مما يوفر للجسم الصحة الدائمة ويجنبه تكرار تراكم الدهون الضارة التي من طبيعتها أنها لا تطيق الرياضة ، بينما تعد الرياضة إكراما وعناية بالأعضاء النافعة
5- الجسد الذي لا يستطيع السيطرة على شهوة بطنه لابد أن تجرى له عملية لتدبيس المعدة ، والتي ينتج عنها التحكم القسري في كمية الطعام التي تدخل الجسم مما يقلل من مخاطر النوعيات الرديئة من الطعام
6- استلهام عبرة التاريخ فكم كان عدد المؤمنين في بدر وكم كان عددهم في حنين ، اقرأ معي قول الله تعالى
" وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً "
وقوله : " كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ "
أنا أعلم أن فطم النفس عن شهواتها صعب وأن اقتطاع جزء من الجسد صعب وأن الرياضة متعبة ، وأن الجسم المترهل قد يدفئك ، فلا تنخدع بدفئه الزائف ، ففي النهاية سوف يقتلك
وهكذا أي كيان يصيبه الترهل فإما أن يزيل أسباب ترهله فينشط ويتعب ويتحمل آلام التخلص من ترهله ، ولا يشغل نفسه بعلاج الأمراض الناتجة عن الترهل ، فهو كلما عالجها زادت لأن أصل الداء موجود ، وسيظل موجودا حتى يبلغ بهذا الكيان الى العجز ثم الموت
-----------------------------------------------------------------------------------
يقول الأستاذ المؤسس :
" إن ميدان القول غير ميدان الخيال ، وميدان العمل غير ميدان القول ، وميدان الجهاد غير ميدان العمل ، وميدان الجهاد الحق غير ميدان الجهاد الخاطئ . يسهل علي كثير ين أن يتخيلوا ، ولكن ليس كل خيال يدور بالبال يستطاع تصويره أقوالا باللسان ، وإن كثيرين يستطيعون أن يقولوا ولكن قليلاً من هذا الكثير يثبت عند العمل ، وكثير من هذا القليل يستطيع أن يعمل ، ولكن قليلا منهم يقدر علي حمل أعباء الجهاد الشاق والعمل المضني . وهؤلاء المجاهدون وهم الصفوة القلائل من الأنصار قد يخطئون الطريق ولا يصيبون الهدف إن لم تتداركهم عناية الله ، وفي قصة طالوت بيان لما أقول ، فأعدوا أنفسكم وأقبلوا عليها بالتربية الصحيحة والاختبار الدقيق وامتحنوها بالعمل ، العمل القوي البغيض لديها الشاق عليها ، وافطموها عن شهواتها ومألوفاتها وعاداتها "

من رسالة المؤتمر الخامس