Monday, February 23, 2009

كلمة أخيرة الى صديقي المتعب

ربما اعتبر الكثيرون أن ما نقلته اليكم خلال التدوينتين السابقتين كان حديثا عاديا يجري مثله كل يوم مئات المرات ، ولكم الحق في ذلك
ولكن الذي دفعني الى نشره بهذه الصورة هو استقراء ربما أو حدس يداهمني منذ فترة بسبب تكرر ظاهرة انتقاد الناس للحكومة في مصر بسبب أدائها أو تجاوزاتها حتى يصل النقد إلى رئيس الدولة بينما الحليف العربي الأول لمصر وهي السعودية يعيش ملكها وحاشيته في رغد وكلما حاول أحد أن ينتقدهم سارع من يمكن أن نسميهم "رجال الدين" هناك بإصدار الفتاوى على مقاس الموقف السياسي فيلجم الناس ساكتين ومن يتكلم منهم بعد ذلك ينتقده المجتمع كله باعتباره خارج عن حكم الشرع . هذا الوضع مستمر منذ سنوات طوال في السعودية وعليه يقوم نظام الملك هناك وفي كثير من دول الخليج التي استخدمت الدين وسيلة لحماية الثروة والعرش فأساءوا الى الدين والى ممثليه لديهم
كان هذا الأسلوب الغير شريف أمام أنظار الحكومة في مصر طوال السنوات الأخيرة ويبدوا-فيما أرى- أنها قررت أخيرا أن تحذو حذو السعودية ، فرأينا مرشحيها في الانتخابات الماضية يكتبون الآيات القرآنية على دعاياتهم ويستخدمون الشعارات الإسلامية وعمارة المساجد والصدقات وكفالة اليتيم وغيرها في دعاياتهم أيضا واللي تغلب به العب به!!!
ورأينا مقالا يصدر من المدعو "أبو اليمين المنصوري" وتلامذته يعتبرونه أحد أكابر أهل السنة بمصر وكان عنوان هذا المقال "الإنتخابات البرلمانية في مصر ........ رؤية سلفية" أنقل اليكم منها أول بضعة أسطر بعد الافتتاحية يقول فيها
"الأصل أن هذه الإنتخابات البرلمانية لم تكن موجودة في عهد سلفنا الصالح –رضي الله عنهم – وإنما كان الأمر موكولا إلى ولي الأمر.
ولذلك فإن ولي أمرنا – حفظه الله ورعاه وكبت شانئيه – هو الراعي لأمته وتقع مسؤليتهم على عاتقه لقوله صلى الله عليه وسلم " : ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، فالإمام الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته "
ثم يقول في الجزء الثاني من المقال "وهذه الإنتخابات البرلمانية والتي تجري الآن في بلدنا الحبيب مصر ، حدث ويحدث فيها من الصور السيئة الشيىء الكثير ، ولِما لا وأصل العمل غير مشروع ، وما هذا إلا من شؤم المخالفة كما لا يخفى ، ومن هذه الصور :
أولا : إتخاذ بعضهم الدين وسيلة لنيل أهدافهم ، وتحقيق أغراضهم ، فرفعوا شعارات ، وعلّقوا لافتات ، ونظموا مظاهرات ، وعملوا مسيرات كل ذلك من أجل الوصول ل سدة الحكم ، وما علم هؤلاء – أعداء أنفسهم – أنهم بهذا خالفوا منهج السلف الصالح في الُنصح لولي الأمر – حفظه الله - ونازعوا الأمر أهله"
ثم يختم مقاله بنداء الى السلفية الذين يساندون أي مرشح في مصر بقوله "وينبغي تذكير إخواننا هؤلاء – حفظهم الله تعالى - بعدم مشروعية هذه الإنتخابات إبتدا ء ، ومن َثم يجب تنزيه المساجد عن جعلها ساحة من ساحات المعركة – على حد قولهم (أي الحكومة)وصدقوا – الإنتخابية ، إذ هي – أي : المساجد – لم ُتبنى لهذا!!!!!!!"
وعلامات التعجب هذه من عنده هو ، والأمر موصول لا يحتاج الى تعليق مني
ثم بدأت الفتاوى سابقة التجهيز في الظهور ، مثل فتوى تحريم الانتماء للجماعات الإسلامية كلها واعتبار من ينتمي اليها مثل الخارج على جماعة المسلمين وعلى إمام المسلمين
ثم بدأت أجهزة الإعلام تظهر رجالها بصورة المتدينين وتلمع منهم من يستشيخ (قولا لا عملا طبعا) ثم بدأت الكتالبات الصحفية وحتى للكتاب النصارى تستشهد بالآيات والأحاديث يلوونها ويخرجونها من سياقها
يعني الكل بتوع ربنا ومافيش حد أحسن من حد
ولكن بأي فهم ؟ أكيد بفهم دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله
بفهم الأخ أبو اليمين المنصوري
والشيخ (...) صديقي المتعب
وهو الفهم الذي يحول الإسلام الى مطية للحاكم ولكهنته يفعل هو وحاشيته ما يشاءون ثم يجد الكهنة له التكييف الشرعي لفعلته مهما خبثت أو قبحت ، وما أحداث غزة الأخيرة عنا ببعيد
كنت أقرأ في الفترة الأخيرة كتابا اسمه العهود المحمدية لقطب من أقطاب الطرف الآخر -الصوفية - وهو الشيخ عبد الوهاب الشعراني وبغض النظر عما قيل عن الشيخ فقد اختلف الصوفيه فيه ممن كفره وجهله وكذبه الى من جعله قطبا وعالما ، لننظر الى ما قاله الشيخ
يقول "روى مسلم وغيره: <سيكون من أمتي ناس يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل>>. وروى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال نعم: إذا كثر الخبث. وروى ابن ماجه بإسناد رجاله ثقات مرفوعا: <<إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة ما منعك أن تقول في كذا وكذا؟ فيقول يا رب خشيت الناس فيقول أنا أحق أن يخشى>>. وروى الأصبهاني مرفوعا: <<إن الأمر بالمعروف لا يدفع رزقا ولا يقرب أجلا وإن الأحبار من اليهود والنصارى لما تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعنهم الله على لسان أنبيائهم ثم عموا بالبلاء>>. وروى الحاكم مرفوعا وقال صحيح الإسناد: <<إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم ياظالم فقد تودع منهم>>. والأحاديث في ذلك كثيرة. والله أعلم
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نتهاون بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مداهنة للناس وطلبا لمرضاتهم الفاسدة، فإن أمر الله تعالى وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق بالمراعاة والتقديم، وهذا العهد لا يقوم بحقه إلا من يسلك طريق للقوم على يد شيخ حتى وصل إلى حضرة الله تعالى وشاهد أفعاله وتصاريفه وتيقن انه ليس بيد مخلوق ضر ولا نفع إلا إن شاء الله. ومعلوم أن من راعى أمر الله تعالى وقدمه على أمر عباده لا بد أن ينصره الله تعالى على ذلك الظالم الذي يخالف المعروف ويفعل المنكر، قال الله تعالى {ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز}.
فإن أردت العمل بهذا العهد فادخل من بابه واسلك على يد شيخ كما ذكرنا وإلا فمن لازمك مراعاة المخلوقين وتقديم مرضاتهم خوفا من شرهم ورجاء لبرهم
وبلغنا عن سلطان العلماء الشيخ عز الدين بن عبدالسلام الشافعي رضي الله عنه أنه كان يعظ السلطان أيوب وولده السلطان الصالح وينهاهما عن المنكر فيقبلان يده ويقولان له جزاك الله عنا خيرا. وبلغه مرة أن غالب الأمراء الأكابر إلى الآن في الرق لم تعتقهم ساداتهم، فقال كيف يحكم هؤلاء بين الناس؟ فطلع إلى السلطان وقال كل من لم يأتنا بعتاقته بعناه ووضعنا ثمنه في بيت المال فباع منهم جماعة ونادى عليهم في الديوان، ثم أعتقهم السلطان فاجتمعوا على قتله وجاءوا بالسلاح ووقفوا على بابه فخرج إليهم فوقع السلاح من أيديهم هيبة منه، فقال له ابنه الحمد لله الذي لم يقتلوك، فقال والدك أحقر من أن يقتل في إقامة دين الله تعالى
وكذلك حكى لي شيخنا شيخ الإسلام زكريا المذكور آنفا، أنه كان يحط على الولاة في خطبته، ويتعرض للسلطان قايتباي بأنه ظالم غاش لرعيته، فتكدر السلطان منه لكون ذلك على المنبر بحضرة الناس والعسكر والعوام، ثم قال له لما انقضت الصلاة والله يامولانا إنما وعظتك في الملأ مبادرة لنصحك، ثم مسكت يده أو قلت له والله إني خائف على جسمك هذا أن يكون فحما في جهنم
وقد كان الشيخ شمس الدين الدمياطي الواعظ بالأزهر يحط على السلطان الغوري على كرسي الوعظ في الجامع الأزهر، فبلغه ذلك فأرسل وراءه بنية أنه يبطش به، فطلع له القلعة وقال له السلام عليك أيها السلطان، فلم يرد الغوري عليه، فقال رد السلام واجب عليك ومن ترك الواجب فسق، فرد السلطان السلام ثم قال له قد بلغنا أنك تحط علينا في المجالس من جهة ترك الجهاد وغيره وليس عندنا مراكب، فقال عمر لك مراكب أو استأجرها وجاهد، فقام على السلطان الحجة، ثم قال له يامولانا السلطان ما جزاء من نقلك من الكفر إلى الإسلام، ثم من الرق إلى الحرية، ومن الجندي إلى الأمير ومن الأمير إلى السلطان، إلا الشكر، فقال: الحمد لله، ثم قال له: وعن قريب تموت، وينزلونك في حفرة ويغرزون أنفك في التراب، ثم تصير ترابا ثم تبعث، ثم تحاسب وتدعى عليك جميع رعيتك في مصر والشام وقراها، بما أخذته أنت وعمالك منهم ظلما، وتصير تحت أسرهم فاصفر وجه السلطان، وارتعد فسلم الشيخ وخرج، فلما صحا السلطان قال هاتوا هذا الشيخ فأتوا به، فقال ما حاجتكم؟ فقالوا رسم السلطان لك بعشرة آلاف دينار، فقال الشيخ للسلطان ردها إلى من ظلمتهم فيها، ولكن إن كان مولانا السلطان يحتاج إلى مال أقرضته فإني رجل تاجر كثير المال، فقام له السلطان وشيعه وعظمه
فنسأل الله تعالى أن يلطف بنا وبعلمائنا في هذا الزمان، ويخرجنا منه على التوحيد إنه سميع قريب مجيب آمين " أهـ

Thursday, February 12, 2009

حوار مع صديقي ... المتعب 2-2

إخواني الفضلاء
كما وعدتكم في المرة السابقة أن أستكمل لكم حواري مع صديقي المتعب
اتصلت بصديقي هذا في اليوم التالي لحديثي معه حتى أستكمل معه مناقشة قناعاته تلك ، فلم يرد على اتصالي ولكنه حضر بنفسه مسرعا
أحسست أنه قد شعر بأنه هرببصورة سيئة في المرة الماضية فأراد أن يغير هذا الانطباع
بادرته بقولي : كنت أريد أن أسألك عن اسم الشيخ صاحب الفتوى العظيمة مرة أخرى لأتأكد منه
قال الشيخ(...): هذا كلام لا يصح عن فتوى شرعية فهل تتهكم عليها ؟
قلت له : لا والله ولكني أقول عنها عظيمة لقوله تعالى "وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم"
قال الشيخ(...):لا والله ، لأن الأيام صدقت كلام الشيخ ، فهذه العمليات الإرهابية التي حدثت في مصر هي التي جرت الويلات على كل العمل الإسلامي في البلاد ، وهذه الجماعات التي قامت بأعمال العنف والتخريب هي التي أدت الى ما نحن فيه
قلت له : أكيد كلنا رفض بالفعل في وقتها هذه الأمور ، وهم أنفسهم من قاموا بها أو أمروا بها أدانوها في مراجعاتهم ، ولكن هناك نقطتان أولهما ما ذكرته لك في حديثنا السابق ، وهو أن الحرب على الإسلام قائمة قائمة ، وكل ما في الأمر أنهم وجدوا الحجة لإعلانها ولكنهم لو لم يجدوا هذه الحجة لأوجدوها هم ولاخترعوها لتنفيذ مخططاتهم ، ليضيقوا على العمل الإسلامي ، وتؤمم المساجد وتغلق بعد الصلوات ، وتحجم أو تغلق المدارس الإسلامية ...الخ.
وثانيهما : لم يكن حديثنا في المرة السابقة عن العنف ولا الجماعات التي مارسته وإنما كانت عن حق المواطن الطبيعي في التعبير عن رأيه بحرية لو أدى ذلك الى سجنه أو تعذيبه أو قتله فماذا يكون حكمه؟
قال الشيخ(...):: نعم لأن هناك أساليب كثيرة للتعبير عن الرأي فأنا مثلا عندما أخطب الجمعة يمكنني أن أقول إن الحاكم كذا والحكومة كذا وكذا ، ثم أعتقل بعد الخطبة مباشرة ومن الممكن أن أتحدث في نفس الموضوع ولكن من باب الحديث كلكم راع ومسئول عن رعيته ، والناس سوف تفهم نفس المعنى بدون أن أصرح به ، فإذا اخترت أنا الأسلوب الأول واعتقلت أكون آثما
قلت للشيخ : وهل تظن أن الناس سيفهمون قصدك عندما تتحدث أن الرجل راع في بيته ومسئول عن رعيته والمرأة في بيت زوجها والخادم في بيت سيده سيفهم الناس من تلقاء أنفسهم أنك تتحدث عن الحاكم والحكومة ؟ والله إنك واهم لأن هؤلاء الناس -إلا من رحم ربي- يذهب الى الجمعة ويجلس فاغرا فاه وقد سرح في أموره الخاصة أو يداعب أطفاله الذين اصطحبهم معه الى المسجد أو يغط في نوم عميق ، فقد استمع الى هذه الخطب مئات المرات منذ صغره فلن يلتفت الا إلى ظاهر ما تقول فقط ، وكل من صعد المنبر يرى من فوق وهو يخطب كل هذا ويزيد ، وحتى لو فهم الناس ذلك فأكيد أن المخبر الموجود في المسجد سيفهم أيضا أنك تخبط في الحلل ، ولذلك لن يتركك ترجع الى بيتك ، وهكذا تكون آثما أيضا.
قال الشيخ(...): لا طبعا فأنا اجتهدت قدر استطاعتي ألا أفتنه ، لأننا يجب أن نتعامل مع هؤلاء من منطلق قول الله تعالى "ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا" فلا ينبغي للمسلم أن يجعل نفسه فتنة لهؤلاء الناس فيؤذوه فيعذبهم الله بما فعلوه
قلت للشيخ: وهل خير الشهداء ذلك الرجل الذي قام الى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله كما أخبرنا بهذا النبي صلى الله عليه وسلم ، هل هذا الرجل كان فتنه لهذا الإمام الجائر
وهل قول النبي صلى الله عليه وسلم : "إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم ياظالم فقد تودع منهم" هل هذا الحديث يدفع المسلمين الى أن يكونوا فتنة للذين كفروا ؟
احمر وجه الشيخ(...) وبدأ صوته يعلو عن المعتاد وهو يقول : لا طبعا هذا موضوع آخر
قلت للشيخ: أنا أرى أنه نفس الموضوع ، ما الفرق ؟ قل لي
قال الشيخ(...): الفرق هو نظرتنا الى هؤلاء الناس(يقصد الأمن) فنحن دائما ننظر اليهم على أنهم عصاة وربما يصل الأمر ببعض الإسلاميين الى تكفيرهم واعتبارهم محاربين لدين الله ولدعوته ؟
قلت للشيخ: أعتقد أنك أنت من تخرج عن الموضوع ..
قاطعني الشيخ(...): لا هذه هي المشكلة
قلت للشيخ: حسنا ولو أني أرى أن هذا موضوع جديد ، ولكن دعني أسايرك فيه ، قل لي أنت من يقوم بالقبض على العاملين لدين الله ، من يضرب المتظاهرين ، من يغلق المساجد ويكتب التقارير في روادها ، من يعذب الإسلاميين في السجون حتى الموت ، دعك من التكفير وقل لي ألا يعتبر ما يفعله معصية ؟ والإصرار على المعصية على الأقل فسق؟
فوجئت بالشيخ يقول لي : هذا هو الخطأ الذي أقصده
تمالكت نفسي وقلت له : فما حكمه عندك ؟
قال الشيخ(...): هذا عمله ، ولا ينبغي أن تحكم عليه وهو يؤدي عمله ، فهو ليس مختارا فيه حتى يحاسب عليه !!!
كنت أود أن أسكب - عزيزي القارئ- بين يدي هذه الإجابة شوالا مملوءا بعلامات التعجب ولكني إكتفيت بهذه العلامات الثلاث نيابة عن أخواتهن
قلت للشيخ : ياراجل .. هذا عمله
قال الشيخ(...): طبعا ، فقد كنا قديما نظن بهم السوء حتى احتككنا برجال منهم أثناء الخروج في سبيل الله ، فوجدناهم أناس مصلون ويقرأون القرآن بل إن فيهم من يخرج معنا ، وفيهم خير كبير.
قلت للشيخ : وهل بائع الخمر وصانعها ومصدروها ومستوردوها كلهم لن يحاسبوا لأن هذا عملهم ؟
مرة أخرى صاح الشيخ : الموضوع مختلف
قاطعته قائلا: لا مختلف ولا حاجة .. ولكن دعني أختم حديثي معك بنقطتين
أولهما : أن كلامك هذا لم يقولوه هم عن أنفسهم ، ولا يحلمون بمثله أبدا ، وهم مقتنعون في داخلهم أنهم آثمون بما يفعلون وأن هذه الدماء الزكية في أعناقهم الى يوم القيامة، إذا فأنت ملكي أكثر من الملك
ثم سكت لأن النقطة الثانية كان سيعتبرها إهانة له ، ولم أرد أن أختم حديثي معه بهذه الصورة
فبدأ يردد مرة أخرى أنه ولكل هذه الأمور المتشابكة يرى أن الخروج في سبيل الله -استجابة للرؤية التي أمره الرسول صلى الله عليه وسلم فيها بالخروج- هو من عصمه من هذه الفتن ، ثم كرر على مسامعي أنه منذ استجاب للأمر وخرج في سبيل الله توالت الرؤى عليه... الخ
لم أستطع أن أتلطف مع الشيخ(...) في الحديث وكان هو يختم حديثه المكرر وقد نهض قائما بعدما أحس أنه لا فائدة من الاستمرار في الحديث ، وسرعان ما سلم وانصرف
--------------
طبعا لست في حاجة الى أن أذكر لكم أن الضغط ارتفع عندي بعد أن غادرني
ولست في حاجة الى أن أنوه أنه من يومها لم يزرني مرة أخرى
وكذلك لست في حاجة الى أن تسألوني عن النقطة الثانية التي لم أذكرها له ، لأني إن شاء الله سوف أؤجلها للتدوينة التالية ، مع فقرات من كتاب "الانتخابات التشريعية - رؤية سلفية " ثم نبذة عن الفكر "المدخلي" الذي ينتسب الى السلفية وأثاره في حياتنا ثم أختم إن شاء الله بفقرة من كتاب العهود المحمدية قرأتها ولم أصدق عيني أنها كتبت منذ أكثر من 4 قرون من الزمن وكان كاتبها الشيخ عبد الوهاب الشعراني من أكابر الصوفيه في عصره
فقلت وقولوا معي : صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم

Monday, February 2, 2009

حوار مع صديقي ... المتعب 1-2


هذا الحوارحدث فعلا وإن كان باللغة العامية
جاءني ذات صباح صديق يعمل معي في نفس المؤسسة وإن كان في إدارة بعيدة عني
عرفته منذ عدة سنوات باسم الشيخ (...) فهو من جماعة التبليغ والدعوة ، لا يرتدي إلا الجلباب والطاقية على رأسه ، طويل اللحية وقد بدأ الشيب يخطو اليها منذ سنوات ، وهو يميل الى قصر القامة ، وقد ساعده بياض بشرته على إضفاء مظهر التقى والورع على محياه.
كان الشيخ (...) في ذلك اليوم يطلب مني بعض البرامج للكمبيوتر الذي عنده بعد أن ضاعت نسخة البرامج التي كانت لديه ، ثم تطرق بنا الحديث عن ذكرياته إبان فترة السبعينيات من القرن الماضي حين كان يجلس في أسرة من الأسر الإخوانية في أسيوط ، وكان يلتقي آنذاك بأنداده من الشباب أمثال عصام العريان وأبو العلا ماضي وغيرهما
وكانت الجماعات الأخرى قد بدأت تنتهج أسلوب العنف واستخدام السلاح وتتجاذب فيما بينها الشباب المتحمس والتواق الى التمكين بسرعة ، وهنا حدث التردد بين المناهج والأفكار فبينما كان الإخوان يدعون الى التربية والمرحلية كانت الجماعة الإسلامية تدعوا الى المواجهة وتحاضر شبابها في الطريقة الصحيحة للضرب بالرأس (الروسية) وكانت جماعة الجهاد تشجع أفرادها على اقتناء السلاح والتدرب عليه .
يقول لي الشيخ (...) : فذهبنا الى الشيخ (أسامة كحيل) وهو من التيار السلفي وسألناه عن الإخوة الذين يعتقلون ويسجنون ويعذبون وربما يموتون في المعتقل ، ما حكمهم ؟ فرد علينا بفتوى ... لا داعي لأن أذكرها لك حتى لا تغضب!!
فقلت له : لن أغضب ، ماذا قال لكم ؟
قال الشيخ (...) : قال لنا : هذا عذاب لهم في الدنيا قبل عذاب الآخرة
فتمالكت نفسي وقلت له : وانتم أخذتم الفتوى ولم تناقشوه فيها أو تعرفوا أدلته
قال الشيخ (...) : بل ناقشناه كثيرا حتى اقتنعت برأيه
قلت له : اقتنعت ان من يعتقل يكون هذا عذاب له في الدنيا قبل عذاب الآخرة ؟
قال الشيخ (...) : نعم .. ثم رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في رؤية ، أمرني فيها بالخروج في سبيل الله ، وقد كنت أكره هذا الأمر في وقتها ولا أراه صحيحا ، ولكن امتثالا لأمر النبي بدأت في الخروج ومن يومها توالت الرؤى للنبي صلى الله عليه وسلم حتى أني أراه حين يغلق على معنى بعض الأحاديث فيشرحها لي !!!!!
وسامحوني - سادتي - فلن أعلق على الفقرة السابقة لا منطقا ولا شرعا حتى لا يتفرع بنا الحديث
فقلت للشيخ : ولكن الإخوة من السلفيين يعتقلون ويسجنون ويعذبون وأنتم من التبليغ تعتقلون وتسجنون وتعذبون بل انهم ينكلون بكم لأنكم تأتون بالشباب الى المساجد ثم تتركونهم لقمة سائغة لغيركم من الجماعات فهل هذا عذاب لكم في الدنيا قبل عذاب الآخرة ؟
قال الشيخ (...) : لا .. انت مافهمتنيش ، المقصود ان من يفعل شيئا يؤدي الى الاعتقال والبهدلة فهذا حكمه أما من أخذ دون أن يفعل شيئا فهذا ابتلاء !!!
قلت للشيخ : فأين أنت من قول رسول الله "سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه، فقتله"
وأين أنت مما رواه يحيى بن عروة بن الزبير ، عن أبيه ، قال : كان أول من جهر بالقرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه ، قال : اجتمع يوما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجُهر لها به قط ، فمن رجل يُسمعهموه ؟ فقال عبدالله بن مسعود : أنا ؛ قالوا : إنا نخشاهم عليك ، إنما نريد رجلا له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه ؛ قال : دعوني فإن الله سيمنعني .
قال : فغدا ابن مسعود حتى أتى المقام في الضحى ، وقريش في أنديتها ، حتى قام عند المقام ثم قرأ : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) رافعا بها صوته ( الرحمن علم القرآن ) قال : ثم استقبلها يقرؤها . قال : فتأملوه فجعلوا يقولون : ماذا قال ابن أم عبد ؟ قال : ثم قالوا : إنه ليتلو بعض ما جاء به محمد ، فقاموا إليه ، فجعلوا يضربون في وجهه ، وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ . ثم انصرف إلى أصحابه وقد أثروا في وجهه ، فقالوا له : هذا الذي خشينا عليك ؛ فقال : ما كان أعداء الله أهون علي منهم الآن ، ولئن شئتم لأغادينهم بمثلها غدا ؛ قالوا : لا ، حسبك ، قد أسمعتهم ما يكرهون
وأين أنت ممن كانوا يعتبرون مراغمة الكافرين قربى الى الله
هل كل هؤلاء نعتبر ما لاقوه عذاب لهم في الدنيا قبل عذاب الآخرة ؟
قال الشيخ (...) : لا طبعا هؤلاء أخذوا بالعزيمة فلاشيء عليهم ؟
قلت للشيخ : فما الفرق بين الصحابة وبين حالنا الآن ؟
قال الشيخ (...) : الآن نحن مخيرون بين الأخذ بالرخصة وبين الأخذ بالعزيمة فمن فعل هذا فلا يلومن إلا نفسه
قلت للشيخ : وهل الله عز وجل يشرع لنا العزيمة حتى إذا أخذنا بها عذبنا في الدنيا والآخرة ؟
قال الشيخ (...) : لا طبعا .. هناك فرق بين أن يكون أخذك بالعزيمة يؤدي الى ضرر وإذا كان هذا الضرر متعلق بك أنت وحدك أم متعدي الى المجتمع
قلت للشيخ : يعني مثلا مظاهرات غزة التي اعتقل فيها المئات لمجرد التظاهر السلمي هل ينطبق عليهم هذا الحكم
قال الشيخ (...) : طبعا .. لأنهم كانوا من الممكن أن يعبروا عن آرائهم بطرق أخرى لا تغضب أحدا منهم
قلت للشيخ : ولكنهم لم ينظروا للأمور بطريقتك وإنما نظروا إليها من حيث جدواها ، فقد تكون هناك طرق كثيرة ولكنها غير مجدية
قال الشيخ (...) : وهل المظاهرات هي التي كانت مجدية ؟
قلت للشيخ : نعم ولولا هذه المظاهرات التي عمت العالم لتحول الأمر إلى ما هو أسوأ ولأبانت النظم عن وجه العمالة الكئيب بوقاحة أكثر ، يا سيدي العالم لأول مرة يجمع على أن إسرائيل مجرمة حرب وإرهابية تقتل الأطفال والنساء ، كيف كان العالم سيقتنع بذلك في رأيك ؟
سكت الشيخ (...) ثم قال : ولكن بغض النظر عن مظاهرات غزة هناك ممارسات كثيرة تتعدى آثارها الى الغير فتجعل الدولة تغلق المساجد بعد الصلوات ، وتمنع الجلوس فيها ، وتطارد الملتحين ، وتغلق الكتاتيب ..الخ
قلت للشيخ : وهل تظن أنه لو لم تُفعَل هذه الممارسات التي تنتقدها هل كانت الدولة ستترك لك المساجد مفتوحة ، وتعين الملتحين والمنقبات في الوظائف العامة ، وتتوسع في افتتاح الكتاتيب الجديدة ، لا والله ياشيخ هذه سذاجة كبيرة بل على العكس إن ما تراه خطأ وتجاوزا هو الذي أخر الدولة سنينا طويلة حتى تقدم على هذه التضييقات. أنا مثلك بل أكثر ضد كل مظاهر العنف أيا كان شكله في التعاطي بين أفراد الوطن الواحد ولكني في نفس الوقت لا يمكن أن أكون ضد الحرية في العبادة والملبس والكلمة والرأي ونوع التعليم وغيرها من صور الحريات المختلفة والمتاحة لغير المسلمين في بلادنا
بدا على الشيخ (...) الضيق من حواري معه فأعاد على مسامعي مرة أخرى حكاية الرؤى التي يراها وأن قلبه مطمئن بها
ثم تركني واستأذن قبل أن أستأنف حواري معه ، ربما خاف أن أتجرأ فأجادله في موضوع الرؤى نفسها وصحتها
ولكن هل ترك الموضوع الأصلي أم هل تركته ؟ لا فقد كان بيننا حوار آخر ، به مفاجآت وآراء غريبة ، أنشره قريبا إن شاء الله
ألم أقل لكم أنه صديقي المتعب ؟
--------------------
إلى الإخوة الأفاضل الذين تعجبوا من صديقي المتعب أضيف هذا التحديث بدون تعليق مني
** انتقد مفتي عام السعودية الشيخ عبد العزيز عبد الله آل الشيخ المروجين لمقاطعة المنتجات الغربية في المملكة على خلفية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، واصفا إياهم بــ"المطعطعين" (المتحدثين بدون علم)، ومعتبرا أن التهديد بمقاطعة المنتجات "لا يخدم شيئا".
وقال مفتي السعودية في محاضرة بجامع الإمام تركي بن عبد الله بالرياض نشرتها صحيفة "الحياة" اللندنية اليوم السبت، إنه "من الواجب علينا الابتعاد عن الطعطعة - التحدث بدون علم - فأنت تضر نفسك وتضر الناس"، في إشارة منه إلى الداعين إلى مقاطعة منتجات بعض البلدان الغربية.
وتابع: إن "العالم الآن كالحلقة الواحدة لا يستغني بعضه عن بعض، وكما يحتاجون لنفطك تحتاج أنت لسلعتهم، والتهديد بالمقاطعات التجارية لبعض المنتجات لا يخدم شيئا"، مشددا على ضرورة "التعامل مع الناس بما ظهر منهم من خير فنحبهم عليه، ونبغضهم على قدر ما ظهر منهم من مخالفة وإعراض
المصدر موقع إسلام أونلاين
** وصف رئيس المجلس الأعلى للقضاء في السعودية الشيخ صالح اللحيدان المظاهرات التي تقوم بها الجماهير في العديد من الدول العربية؛ تنديدا بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بـ"الفساد في الأرض"، مبررا رؤيته بأن المظاهرات "تصد عن ذكر الله، حتى وإن لم يحصل فيها تخريب".
وخلال محاضرة ألقاها بعنوان "أثر العقيدة في محاربة الإرهاب والانحراف الفكري" قال الشيخ اللحيدان إن أول مظاهرة شهدها الإسلام في عهد الصحابي الجليل عثمان بن عفان "كانت شرا وبلاء على الأمة الإسلامية"، ووصف تعبير الجماهير عن مواقفها عبر التظاهر بأنه "استنكار غوغائي، إذ إن علماء النفس وصفوا جمهور المظاهرات بمن لا عقل له".
في ضوء ذلك، اعتبر أن المظاهرات التي شهدها الشارع العربي ضد غارات إسرائيل على غزة من قبيل "الفساد في الأرض، وليست من الصلاح والإصلاح"، بحسب ما نقلت عنه صحيفة "الحياة" اللندنية في عدد اليوم السبت.
وبرر رؤيته بالقول إن المظاهرات حتى إذا لم تشهد أعمالا تخريبية "فهي تصد الناس عن ذكر الله، وربما اضطروا إلى أن يحصل منهم عمل تخريبي لم يقصدوه"، وأضاف متعجبا: "متى كانت المظاهرات والتجمعات تصلح؟!".
وتابع استهجانه للمظاهرات بالقول إن: "المظاهرات مسألة فوضى، فهم يخربون ما يمرون عليه من المتاجر، ويرون أن هذا غضب منهم على العدوان، وهذا مما ينمي العدوان بينهم".
من جهة أخرى، شدد رئيس مجلس القضاء الأعلى في السعودية على أهمية الدعاء للفلسطينيين والقنوت في المساجد.
وأوضح الشيخ اللحيدان أن الأمة الإسلامية تمر الآن بـ"محنة كبيرة وعدوان بلا حياء وبوحشية وهمجية، وسكوت من بعض القادرين على المنع"، معتبرا ذلك نوعا "من التعاون على الإثم والعدوان، مع عجز متناه من الأمة الإســلامية من حيــث العمل، فالأمة الإسلامية تعرف نفسها".
ويعد الشيخ صالح بن محمد اللحيدان أكثر أعضاء هيئة كبار العلماء (المؤسسة الدينية الرسمية) نفوذا، إلى جانب كونه رئيسا لمجلس القضاء الأعلى
المصدر موقع إسلام أون لاين