Friday, June 28, 2013

استيقظ المستشار رأفت السيد مبكرا على جرس الموبايل
كان المتحدث هذه المرة هو عادل أخو زوجته يستنجد به أن يتصل بالشرطة لأن البلطجية قد هجموا على صيدليته أثناء مبيته بها وحطموها وسرقوا الخزينة.
طمأنه المستشار رأفت أنه سيفعل اللازم ويوصي الشرطة في القسم الذي تتبع له الصيدلية أن يسارعوا بالقبض على البلطجية ورد المسروقات اليه.
ثم ردد وكأنه يكلم نفسه: البلد خربت .. منك لله يامرسي
دخل الحمام ثم ارتدى ملابسه وتأنق فهو وكيل نيابة مرموق والكل يعمل له الف حساب
خرج من باب شقته ثم أغلقه خلفه بهدوء حتى لا يوقظ زوجته ثم تذكر أنها تتناول قرص مهدئ لتنام
لقد قاست زوجته معه من هذا الشاب النذل المجرم "جمال" قريب ضابط أمن الدولة الذي كان يتحرش بها
ولم يستطع هو بكل هيلمانه أن يدفع أذاه عنها، بل على العكس كاد هذا النذل أن يفقده وظيفته.
هز رأسه ليدفع هذه الذكريات السيئة بعيدا .. فقد كان هذا قبل الثورة التي أطاحت بقريبه الضابط الطاغية من منصبه.
ردد بتلقائية: منك لله يا مرسي
وصل الى مكتبه ، استقبلته تشريفة السعاة والفراشين ، ثم أخبره أحدهم أن يتصل بالقاضي "صبري بيه" لانه بيسأل عنه من الصبح في مكتبه.
تعجب رأفت فليس هناك من علاقة تربطه بـ "صبري بيه" إلا اتفاقه معه في مواقفه ضد "مرسي"
اتصل على عجل بـ "صبري بيه" الذي رد بسرعة
صبري: الو
رأفت: صباح الخير يا سعادة المستشار
صبري: مين معايا؟ رأفت بيه؟
رأفت: أيوه سعادتك .. أأمرني؟
صبري: ربنا يخليك ..لا أمر ولا حاجة .. الموضوع بسيط .. كنت عايز منك خدمة
رأفت: ياخبر يا افندم .. باقول لسعادتك أأمرني
صبري: النهاردة حيتعرض عليك واحد اتقبض عليه بتهم البلطجة والاغتصاب وقيادة تشكيل عصابي قام بحرق منشآت والكلام اللي انت عارفه بيحصل اليومين دول بسبب سي مرسي
فرد بسرعة وكأنها تعويذة: منه لله
ثم أردف مستدركا: وايه المطلوب سعادتك؟
تردد صبري قبل أن يجيب: بص يا رأفت الراجل ده من أهم رجالتنا ولازم يخرج من سرايا النيابة
رأفت: بس ازاي يا افندم .. دي الأدلة وشهادات الشهود كلها ضده، وبعدين حادثة الاغتصاب دي البلد كلها اتكلمت عنها والكل عارف انه هو اللي عمل كده
غضب صبري وصاح: وايه كمان يا رأفت بيه؟ ما أنا عارف يا أخي كل الكلام ده
ثم تمالك أعصابه وقال: باقول لك من رجالتنا .. دي حرب يا رأفت .. وفي الحروب لازم يكون فيه ضحايا ومنتصرين .. ومتهيألي انك معانا وعايز تبقى من المنتصرين ولا ايه؟
أحس رأفت بنبرة التهديد في كلام صبري وتذكر الحروب التي يشنها صبري بيه على أعدائه حتى يشوههم ويقضي عليهم تماما
ابتلع رأفت لعابه بصوت مسموع ثم قال: طبعا أنا معاكم بس سعادتك ..
قاطعه صبري بسرعة: بس ايه؟ ازاي بتقول معانا وفي نفس الوقت عايز تضيع مننا واحد من رجالتنا ..
شوف واحد زي المستشار مصطفى بيه اللي طلع 84 واحد متلبسين بالقتل وحيازة السلاح وفيهم مسجلين خطر وما قالش الكلام الغريب اللي بتقوله ده
وعبد السلام بيه اللي خرج أكتر من 200 بلطجي كانوا بيضربوا مولوتوف على الشرطة واتقبض عليهم تاني وخرجهم تاني
وغيرهم وغيرهم .. يعني مش عجبة يا رأفت بيه .. وبعدين هو حد حيراجع وراك ولا حيكلمك؟
رأفت: حاضر سعادتك يا صبري بيه
صبري: شكرا لك يا رأفت بيه وتأكد إن احنا مش بننسى رجالتنا أبدا .. مع السلامة
أغلق رأفت السماعة وبدا أنه اقتنع بالمهمة المقدسة التي سيقدم عليها بإطلاق سراح البلطجي
وابتسم وقد تذكر "الزحف المقدس" وقال لنفسه: مالهوش حل صبري بيه ده
سمع طرقا على باب مكتبه فلما اذن للطارق بالدخول ،دخل الضابط ليعلن له عن وصول المتهم الى سرايا النيابة
قال لهم أن يدخلوه ،ثم استدعى الكاتب وجلسا في انتظار المتهم
وبعد قليل طرق الباب وفتحه الشرطي الواقف بالباب ودخل الضباط يسحبون المتهم مقيدا بالأغلال ثم فكوا قيوده ودخل معه ثلاثة من كبار المحامين للدفاع عنه
اهتم رأفت بمراجعة كارنيهات وبطاقات المحامين وإعطائها للكاتب ليثبت حضورهم ثم إملاء الكاتب لديباجة المقدمة وهو يستحضر الأسئلة الفارغة التي سيلقيها على المتهم تمهيدا لإطلاق سراحه
ثم تذكر المتهم فألقى عليه نظرة عابرة سرعان ما تجمدت نظراته عليه وقد أصابته صاعقة المفاجأة
رأى أمامه سنين الشقاء والتهديد والبهدلة والعجز .. رأى زوجته التي فقدت أعصابها وصحتها وكادت تفقد شرفها
رأى نظرات زوجته الصامتة له وكأنها تقول: لم تستطع حمايتي يا رأفت
لقد قرأ اسم "جمال النهري" ولكنه لم يربط بين الاسم وبين البلطجي الذي قلب حياته رأسا على عقب
ارتسمت ابتسامة استهزاء واحتقار على وجه جمال ثم رفع كفه نحو رأسه بتكاسل بالتحية العسكرية وهو يقول: ازاي سعادتك يا رأفت باشا .. وازاي المدام
لم يعد يرى أمامه إلا عيني زوجته الكسيرتين
سعادة المستشار .. سعادة المستشار
كان أحد المحامين يناديه ثم مال عليه هامسا: صبري باشا بيسلم على سعادتك
انتبه رأفت بسرعة لنفسه وقام بسؤال المتهم عدة أسئلة شكلية ثم أمر بإخلاء سبيله من سرايا النيابة لعدم كفاية الأدلة
ولم ينس "جمال" وهو يخرج من الغرفة أن يقول له: متشكرين ياباشا وإن شاء الله أزور سعادتك قريب 
بس بعد ما تخلص المشاغل بتاعت اليومين دول ونروق .. أصلكوا واحشينني جدا والله
ثم أطلق ضحكة منفرة وخرج
غمغم قائلا: لقد أطلقت للتو وحشا قاتلا مغتصبا وربما أجده بعد كام يوم عندي في البيت
تذكر عادل أخو زوجته وهجوم البلطجية عليه
اعتدل في جلسته وقرر أنه لن يتصل بالشرطة ليوصيهم به .. فلا فائدة من ذلك .. فهم مثله تماما
أحس بالاختناق .. قرر أن يغادر مكتبه فورا .. لا يدري أين يذهب ولا كيف سيواجه زوجته وينظر في عينيها الكسيرتين
دخل الى سيارته .. أحس أن قلبه يحترق .. فتح لوحة السيارة وأخرج مسدسه المرخص .. فكر أن يقتل نفسه ليخلص من تلك العينين الكسيرتين اللتين تطاردانه
هز رأسه ليطرد هذا الخاطر وقرر أن يذهب الى ناديه ليقابل أصدقائه ولينسى كل شيء
أدار السيارة وهو يردد: منك لله يا مرسي

Wednesday, June 26, 2013

للشاعر إبراهيم بريول - رحمه الله

بك أستجير فمن يجير سواكـا فأجر ضعيفاً يحتمي بحماكـا

إني ضعيف أستعين على قوى ذنبي ومعصيتي ببعض قواكـا

أذنبت ياربي وآذتنـي ذنـوب مالهـا مـن غافـر الاكــا

دنياي غرتني وعفوك غرنـي ما حيلتـي فـي هـذه أو ذاك

يا مدرك الأبصار والأبصار لا تـدري لـه ولكنهـه إدراكـا

إن لم تكن عيني تراك فإننـي في كل شيء أستبيـن علاكـا

يا منبت الأزهار عاطرة الشذا هذا الشذا الفواح نفح شذاكـا

رباه ها أنذا خلصت من الهوى واستقبل القلب الخلي هواكـا

وتركت أنسي بالحياة ولهوها ولقيت كل الأنس في نجواكـا

ونسيت حبي واعتزلت أحبتي ونسيت نفسي خوف أن أنساكا

أنا كنت ياربي أسير غشـاوة رانت على قلبي فضل سناكـا

واليوم ياربي مسحت غشاوتي وبدأت بالقلب البصيـر اراكـا

يا غافر الذنـب العظيـم وقابـلاً للتـوب قلـب تائـبـاً ناجـاكـا

يارب جئتك ثاويـاً أبكـي علـى مـا قدمتـه يـداي لا أتبـاكـى

أخشى من العرض الرهيب عليك يا ربـي وأخشـى منـك إذ ألقاكـا

يارب عدت إلـى رحابـك تائبـاً مستسلمـاً مستمسكـاً بعـراكـا

مالي ومـا للأغنيـاء وأنـت يـا ربـي الغنـي ولا يحـد غنـاكـا

مالي ومـا للأقويـاء وأنـت يـا ربي عظيـم الشـأن مـا أقواكـا

إني أويت لكل مأوى فـي الحيـاة فمـا رأيـت أعـز مـن مأواكـا

وتلمست نفسي السبيل إلى النجاة فلم تجد منجـى سـوى منجاكـا

وبحثت عن سر السعـادة جاهـداً فوجدت هذا السـر فـي تقواكـا

فليرضى عني الناس أو فليسخطوا أنا لم أعد أسعـى لغيـر رضاكـا

أدعـوك ياربـي لتغفـر جوبتـي وتعينـنـي وتمـدنـي بهـداكـا

فاقبل دعائي واستجب لرجاوتـي ما خاب يوماً من دعـا ورجاكـا

يارب هذا العصـر ألحـد عندمـا سخّـرت ياربـي لـه دنيـاكـا

ما كان يطلـق للعـلا صاروخـه حتـى أشـاح بوجهـه وقلاكـا

أوما درى الإنسان أن جميع مـا وصلت إليه يـداه مـن نعماكـا

يا أيهـا الإنسـان مهـلاً واتئـد واشكر لربك فضـل مـا أولاكـا

أفـإن هـداك بعلمـه لعجيـبـه تـزورََََّ عنـه وينثنـي عِطفاكـا

قل للطبيب تخطفته يـد الـردى يا شافي الأمراض من أرداكـا ؟

قل للمريض نجا وعوفي بعدمـا عجزت فنون الطب ، من عافاكا ؟

قل للصحيح يموت لا مـن علـة من بالمنايا يا صحيـح دهاكـا ؟

قل للجنين يعيـش معـزولاً بـلا راع ٍ ومرعى ما الذي يرعاكـا ؟

قل للوليد بكى وأجهـش بالبكـا عند الـولادة ماالـذي أبكاكـا ؟

وإذا ترى الثعبان ينفـث سمـه فاسأله من ذا بالسموم حشاكـا؟

واسأله كيف تعيش يا ثعبـان أو تحيا وهذا السـم يمـلأ فاكـا؟

واسأل بطون النحل كيف تقاطرت شهداً وقل للشهد مـن حلاكـا؟

بل سائل اللبن المصفى كان بين دم وفرث مـن الـذي صفاكـا؟

وإذا رأيت الحي يخرج من ثنايـا ميـت فاسألـه مـن أحيـاكـا؟

قل للهواء تحسه الأيدي ويخفـى عن عيون الناس مـن أخفاكـا؟

وإذا رأيت البدر يسـري ناشـراً أنواره فاسألـه مـن أسراكـا؟

وإذا رأيت النخل مشقوق النـوى فاسأله من يا نخل شق نواكـا؟

وإذا رأيت النـار شـبّ لهيبهـا فاسأل لهيب النار مـن أوراكـا؟

وإذا ترى الجبل الأشم مناطحـاً قمم السحاب فسله من أرساكـا؟

وإذا ترى صخراً تفجـر بالميـاه فسله من بالماء شـق صفاكـا؟

وإذا رأيت النهر بالعـذب الـزلال جرى فسله مـن الـذي أجراكـا؟

وإذا رأيت البحر بالملح الأجـاج طغى فسله مـن الـذي أطغاكـا؟

وإذا رأيت الليـل يغشـى داجيـاً فاسأله من يا ليل حـاك دجاكـا؟

وإذا رأيت الصبح يسفر ضاحيـا فاسأله من يا صبح صاغ ضحاكا؟

هذي العجائب طالما أخـذت بهـا عينـاك وانفتحـت بهـا أذناكـا

والله في كـل العجائـب مبـدع إن لم تكن لتـراه فهـو يراكـا

يا أيها الإنسـان مهـلاً مالـذي بالله جـل جـلالـه أغـراكـا؟

فاسجـد لمـولاك القديـر فإنمـا لابـد يومـاً تنتـهـي دنيـاكـا

وتكون في يـوم القيامـة ماثـلاً تجزى بمـا قـد قدمتـه يداكـا 

خلاص نسيتوا يا مصريين

خلاص نسيتوا يا مصريين
بيع القطاع العام بابخس الأثمان
المبيدات المسرطنة
النفايات الذرية المستوردة لدفنها في أرضنا
المياه الملوثة والمسببة للفشل الكلوي
سرقة فلاتر المصانع فتلوث الهواء وتسبب أمراض الصدر وبالذات للأطفال
صفقات وزارة التعليم مع أصحاب دور النشر لطباعة كتبها بأغلى الأسعار
نهب أموال الابنية التعليمية وعدم بناء مدارس جديدة
الاف المستشارين في الوزارات ينهبون ثلث الميزانيات
بيع الدقيق المدعم في السوق السوداء
طوابير العيش الغير آدمي وقتل مواطنين فيها
انقطاع الكهرباء ليل نهار وبالذات في القرى بعيدا عن العاصمة
أقل عسكري مرور يرزل عليك لحد ما ياخد المعلوم أو يلفق لك مخالفة
أقل عسكري مباحث ينيمك انت والشارع بتاعك من العصر لو أراد
ليس لك كرامة في بلدك ولا في خارج بلدك
تخاف تدخل أي قسم بدون واسطة
تدفع رشاوي في أي مصلحة حكومية لو حبيت تقضي أي طلب
ولادك ممنوع يتعينوا في أي وظيفة محترمة لانك فقير مهما كانوا متفوقين
ولادك ما ينفعش يدخلوا شرطة أو كلية عسكرية بدون واسطة
حتى لو لك واسطة وفيه حد في عيلتك ملتحي أو واحدة منقبة برضه ما يدخلش
ديون الفلاحين بالآلاف ومهددين يسيبوا أراضيهم ويرجعوا أجراء تاني عند الباشاوات
الناس باعت عفشها وباعت هدومها وباعت شرفها وباعت ولادها وباعت عمرها وباعت دينها وبرضه مش نافع
كل بيت فيه مَظلمة وفيه خنقة وفيه حسرة وفيه حرمان من أبسط حقوق المواطنين
وبيوت الباشاوات الظلمة منورة ومصهللة وفرحانة وشبعانة من أكل حقوق الغلابة
وغيرها وغيرها وغيرها ..
واللي ييجي يشتكي لله يقبضوا عليه بتهمة التطرف والإرهاب
حتى الطريق الى الله عايزين يقفلوه
اتفضحنا في كل حتة والعالم كله ضحك علينا واحتقرنا
وفي وسط الضلمة والكل مخنوق والظالم طايح ومش همه
جه الفرج من عند الله ونورت مصر مرة تانية ورجعت لأهلها
كتير من أهلها نسي خلاص اللي كان بيتعمل فيهم
كتير بيقول لك ما هو لسه بيتعمل فينا كده ايه الفرق؟
الفرق كبير .. الفاسد لسه في مكانه .. بس عندك اللي ينصرك عليه ويجيب لك حقك
الفاسد مسنود من الشرطة والنيابة والقضاء الفاسد اللي زيه
يبقى تحط ايدي في ايدك ونساعد بعض نقضي على الفاسدين وناخد حقوقنا بجد
ولا تحط ايدك في ايد الفاسدين اللي خربوا البلد ونهبوها سنين وتكمل حياتك زي ما كانت
ولا حد ضحك عليك وقال لك انهم تابوا؟ واننا لازم نتعاون معاهم؟
لو كنت نسيت سنين القرف أو لو كنت اشتقت لها أو لو كنت فاسد زيهم ومصلحتك معاهم .. خلاص
لكن لو كنت فاكر وما نسيتش .. لو كنت مش عايز الظلم والقهر يرجعوا تاني
لو كنت مصري شريف وعايز مستقبل أولادك وأولادهم يكون أفضل ..
يبقى ايدي في ايدك نكمل المشوار ونكمل الحرب على الفساد لحد ما نخلص عليه
وساعتها حتحس انها بلدك انت بجد
اوع تنسى اللي عملوه فيك

Sunday, June 23, 2013

عطاءات الشريعة الغائبة

الشعب اللي بيتصل علشان يحل فوازير المفتش كورومبو على أمل يكسب
الشعب اللي بيجيب الجبنة النستو علشان يخربش الكارت يمكن يكسب
الشعب اللي بيشتري السلعة الفلانية من كارفور والتانية من خير زمان والثالثة من ولاد رجب علشان العروض والتوفير
هواية التوفير مش عند الفقراء بس بالعكس الهواية مترسخة حتى عند الطبقة المتوسطة والميسورة الحال لأنهم يعتبرون ذلك فتاكة ونصاحة وفهلوة منهم
هذا الشعب يمكن -ببعض المجهود- جعله يرى المشهد الحالي في مصر بمنطق المكسب والخسارة المباشرة له وساعتها من باب الفتاكة والنصاحة والفهلوة سيختار المكسب طبعا
المشكلة عندنا في ثلاثة امور أساسية تحول بيننا وبين الدخول للناس من هذا الباب وهي:
أولا: جهاز إعلامي ضحل ومعاق ذهنيا وإبداعيا ومهنيا وماديا الى أقصى حد وهي مأساة يطول الكلام فيها
ثانيا: افتقاد أبناء التيار الإسلامي لرؤية واضحة لعطاءات الشريعة في حياة الشعب
وهو الدور الذي يقوم به مندوب المبيعات البسيط لتسويق بضاعته، فآخر ما يحدثهم عنه هو الثمن المطلوب منهم بعد أن يكونوا قد تشبعوا بفائدة هذه السلعة وما سيعود على حياتهم هم منها.
للأسف نحن نحدث الناس عن ثمن السلعة فقط وقد نستدرج الى تبشيع وتهويل هذا الثمن وضرائبه أحيانا ،مكتفين أن نمني الناس إذا دفعوا كل هذا الثمن الباهظ بالجنة ،وهو أسلوب يحتاج الى نفوس سوية لم تشوهها أنظمة علمانية كافرة لسنين طوال.
انظروا الى وزير التموين الذي يحدث الناس طول الوقت عن استفاداتهم المباشرة بما يقوم به وما سيعود عليهم من ذلك .. ومن هنا نجح
هل أظلم أحدا لو قلت أن أبناء التيار الإسلامي يجهلون كيفية توظيف الشرع للارتقاء بحياة الشعب؟
هل أظلم أحدا لو قلت أن أبناء التيار الإسلامي لم يحلموا ولم يتخيلوا ولم يبدعوا ولم يخترعوا ولم يبتكروا صورة للحياة الكريمة للشعب في ظل الإسلام بصورة مادية ملموسة ؟
هذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع سراقة حين وعده بسواري كسرى
وحين رغب المسلمين في المسير لبدر فقال:هذه عير قريش فيها أموالهم، فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها
وغير ذلك من العطاءات الدنيوية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بها القلوب حول الإسلام
الإسلام ذلك الدين الحياتي البعيد عن الرهبنة والكهنوت بل وجعل كل نشاط حياتي صالح مخلص في دنيانا له أجره أيضا في الآخرة.
ثالثا: انشغال أبناء التيار الإسلامي في معظمهم بحياتهم ومعاشهم عن دعوتهم وشريعتهم
وعن التلطف والابتكار في توصيلها بما يغلب عليه الظن أن يتقبلها الناس وتنفتح قلوبهم وعقولهم لها
والانشغال عن التضرع الى الله أن يفتح لنا القلوب والعقول لتتقبل وتستجيب
ولن تستجيب هذه العقول إلا إذا دعوتها لما "يحييها" كريمة في الدنيا والآخرة
"يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم"
واجبنا هو اظهار عطاءات الشريعة للناس عن طريق اعلام قوي وبصور مبتكرة ومتنوعة
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل

Tuesday, June 18, 2013

حزب النور.. هل هو "الجناح السياسي" لحركة تمرد؟

 
.. تعليقات مهمة على بيان الشيخ ياسر برهامي..
تحذير: المقال طويل، وصادم..
أصدر الشيخ برهامي بيانا سياسيا، يحتشد بالمعاني الغريبة التي تحتاج إلى تحليل معمق لمضمونه على ضوء المعطيات والظروف الراهنة، وهذه أبرز النتائج التحليلية المستخلصة من البيان/
- لا يمكن قراءة البيان – المتدثر بلغة الهدوء- بمعزل عن التصريحات النارية التي يضخها المتحدثون باسم حزب النور للإعلام الفلولي ضد الإخوان والقوى الإسلامية الرافضة للانقلاب على النظام، وهي تصريحات تُصنف بوضوح تحت خانة التحريض المباشر، والسعي بقوة لتفكيك رابطة الإسلاميين..
- ويبدو أن قادة الحزب والدعوة تعلموا مؤخرا أن تنويع الخطاب مهم في العمل السياسي، فهذا يتشدد، وآخر يرخي، وثالث يتوازن، وهكذا، بل ربما يحدث التنويع على مستوى الشخص نفسه، فيتعصب حينا، ثم يهدئ حينا، بحيث يرتبك المتابع في تحديد الموقف الحقيقي للحزب، ويصبح هناك مساحة واسعة أمام المتحدثين للمناورة، فإن اتهمهم أحد بالتعصب، يأتون بتصريحات التهدئة، وإن اتهمهم ثان بأنهم يسعون لإسقاط الرئيس، يلوحون له بمقالة عن "الخط الأحمر".. وهكذا..
- القاعدة السياسية هنا، أنه لا يمكن قراءة التصريحات والبيانات بمعزل عن الممارسة على أرض الواقع، وهذه الممارسة يتعلق بها معلومات على قدر كبير من الخطورة، وهي معلومات متعددة المصادر لكن ليس هذا وقت كشفها أو الحديث عنها، وهي تتناقض تماما مع دعوى الحيادية في مواجهة الأزمة الحالية..
- الشيخ برهامي يبدي حرصا غريبا على الدفع بكل الحجج الممكنة ليمنع نزول الإسلاميين لتأييد للنظام المنتخب أو لدفع للشر المرتقب..
- يدرك الشيخ برهامي أن "خشية الإسلاميين من تداعيات انتصار الانقلابيين" محركٌ رئيس للتحفيز، وبالتالي يطرح في بيانه نوعا مضادا – بديلا- من الخوف يتهدد الدعوة والعمل الإسلامي، يزعم تحققه مع نزول الإسلاميين جميعا لتأييد الشرعية- وليس مع امتناعهم عن التأييد- وهو أن هذا النزول سيكون في مواجهة الشعب.!!!
رغم أنه –في تناقض عجيب- في البيان نفسه، يستبعد أن يخرج حتى مئات الألوف لتأييد التمرد..
فلماذا الخوف إذن من موقف شعب – لن يخرج- ؟..
إنه يريد أن يضع الأمر في صورة: ليس أننا مهدددون لو لم نحشد، بل نحن مهددون لو حشدنا..
- وقد تابعنا قبل أيام محاولة منكرة لصرف الإسلاميين عن مواجهة الانقلاب، بالزعم أن المعركة لا علاقة لها بالإسلام، وعلى طريقة: كل واحد يروح لحاله..
- وحتى يطمئن القلقين على مصير الشرعية ومستقبل الإسلاميين، يقول الشيخ برهامي مثلا:" .. فترك الأمر يمر ثم يموت كما ماتت محاولات سابقة، والاكتفاء بحماية الأجهزة الأمنية المسئولة للمباني والقصور الحكومية والرئاسية مع تأمين شخص الرئيس في مكان آمن - أمر سهل"..
إنه يقول بكل اللغات الممكنة: لا تنزلوااااااااااااا أيها الإسلاميوووووون ...
وهذه العبارة ترجمتها: أرجووووووكم.. اتركوا الرئيس يسقط لوحده، وتعالوا نحتشد معا على مقاعد المتفرجين...
طبعا في أزمة الإعلان الدستوري، لم يترك الشيخ "الأمر" يمر بسهولة، بل نزل وحشد ودعم وأيد، واعتبر أن نزول الإسلاميين "جميعااااا" ضروري لتحقيق النصر، لأنه وقتها كان يرى الأمر يتوافق مع رؤيته ..
- إنها مقارنة عجيبة للغاية، يعقدها الشيخ بين هجوم أرعن على مقرات حزبية، وبين محاولة يتم الترتيب لها للانقلاب على النظام بما يتضمنه من مجلس رئاسي وخلافه، فبحسب رأيه: كما تركناهم يقتحمون ويحرقون عند المقرات، فلنتركهم كذلك في 30 يونيو..
وكأنه يفترض أن الإسلاميين سينزلون للقتال، وليس لدفع الضرر..
رغم أنه يدرك جيدا من خبرة نوفمبر 2012م أن القوات الأمنية يمكن ببساطة أن تنسحب من أمام الاتحادية، وبالتالي ينكشف القصر ويقتحمه المتمردون، ويكتمل الانقلاب، فهل هذا هو الهدف.. ؟ هل المطلوب فتح الطريق أمام الانقلابيين؟..
والعجب تزداد مساحته مع تزايد التصريحات والهتافات الصادرة من بعض الضباط ضد الرئيس شخصيا، معلنة دعمها لـــ30 يونيو، فهذه المواقف وإن كانت متفرقة، إلا أنها تدفع لاتخاذ الحيطة، وليس إلى الجلوس على "الكنبة" كما يريدنا الشيخ برهامي أن نفعل..
- من الواضح أن جزءا لا بأس به من البيان، عبارة عن "قص ولصق" من بيانات نهي الناس عن المشاركة في ثورة يناير 2011م..
- للأسف يبدو أن حزب النور يعمل حاليا كأنه "جناح سياسي" لحركة التمرد، خاصة بعد تجمد العلاقة مع جبهة الإنقاذ واحتراق دورها وتأثيرها..
فالمتمردون يضغطون على الأرض، ثم يلوح حزب النور بمبادرته ويقول: هلموا .. تعالوا.. مبادرة محترمة..
وهكذا يصبح الإسلاميون بين نارين: الخضوع لمطالب الإنقاذ أو مواجهة محاولة الانقلاب..
ولعل هذا الدور يتأكد عندما نلحظ تصريحات عبد الله بدران رئيس الهيئة البرلمانية لحزب النور، عندما قال بالأمس في لهجة غريبة وكأنه يتقمص أحداث ثورة يناير: السقف يرتفع- الفرص تضيع- الوقت يضيق...إلخ
- لا نرى أي محاولة حقيقية من الشيخ برهامي لمنع المتمردين من الحشد والنزول، بل هو لا يفتأ يحدثنا بكل الأدلة الشرعية التي يمكنه جمعها، ليمنعنا نحن من النزول..
وبينما هو يمضي وقتا طويلا ليُطمئن الأقباط والعلمانيين، لا يصرح إلا بما يثير قلق وهواجس الإسلاميين عن موقف جماعة كنا نعدها في خندقنا..
- يدعونا الشيخ باختصار، إلى أن نسمع "شتيمتنا" في الإعلام، ونسكت، لأنه هكذا سوف يؤيدنا الشعب..
ويبدو أن الشيخ ياسر لم يستمع إلى وصف متحدثه الرسمي- نادر بكار- لوزير الإعلام بأنه "صفيق" ..
وهو وصف لم يوجهه أحد من حزب النور قاطبة، إلى أي رمز علماني أهان الإسلام أو الإسلاميين..
- قد يكون هذا المقال صادما للبعض، لكني رأيت أنهم يسحبوننا لنعلق على تحركاتهم قطعة قطعة، وهم يردون عليها بالمثل، وهذا لا ينفع في ظرفنا الحالي، ولا يعطي صورة كاملة..
فلابد من استدعاء الهدف النهائي، ووضعه أمام الجميع على الطاولة، لنكون على بينة، بدون مواربة أو مداراة..
- وأخيرا.. الدعوة السلفية- كـــكيان- قيمة كبيرة يجب يفخر بها – ويحرص على تماسكها- جميع الإسلاميين،
المشكلة كلها –بصراحة- تكمن في: الطريقة التي يقود بها الشيخ ياسر برهامي العمل السياسي، مع كل الاحترام والتقدير لمكانته العلمية والدعوية..
ولا تحدثونا عن شورى أو تخصصات.. رجاءا ..
وهذا النقد ليس بدعا من القول، فكثير من مشايخ الدعوة الكبار لديهم اعتراضات جزئية أو كلية، وفي مقدمتهم الشيخ سعيد عبد العظيم، وكذلك كلنا يعلم أن الشيخين: أحمد حطيبة، محمد إسماعيل المقدم.. لديهم اعتراضات ولكنهم لا يتحدثون بها على الملأ، وتدفعهم غيرتهم على الدعوة إلى ترك الكلام، أو إظهار التماسك..
يجب أن نواجه أنفسنا، فالقضية ليست هامشية، فهي تتعلق بمستقبل مصر السياسي، كما تتعلق بالوجود الإسلامي..
والبرادعي لا يدخر وسعا في كشف الأوراق، فإذا سقط مرسي، سوف تلتئم دولة مبارك في لمحة واحدة: الإعلام والقضاء والداخلية والحزب الوطني...إلخ لنجد أنفسنا أمام منظومة متكاملة، تعلمت من أخطائها في ثورة يناير..
ومن الغريب في ظل حالة صراع كهذه، أن يثق البعض في وعود وإغراءات يقدمها أطراف وقوى داخلية وخارجية، لا يمكن الوثوق بها بحال..
وحسبنا الله هو مولانا ونعم الوكيل..

Monday, June 3, 2013

مولاهم الحق

لو افترضت أن الحقيقة الوحيدة في الكون هو وجود الله عز وجل ووجودك أنت
وأن الباقي كله غير حقيقي وغير موجود بالفعل في الواقع
ولله المثل الأعلى كلعبة بلاي ستيشن وانت اللاعب
هناك قواعد للعبة لابد أن تلتزم بها وإلا خسرت كل شيء
تحرز نقاط وتضيع منك نقاط
ولكنك مستمر في اللعب .. مستمر في الحياة
لو تركت المطلوب منك واهتممت بما تحتويه اللعبة من رسومات وشخوص ومؤثرات بدون قصد تسجيل نقاط جديدة إضافية فستخسر لا محالة
جرد كل الأمور وستجد أنك مخلوق وحيد
منذ كنت جنينا في بطن أمك وحدك
ما يدور في عقلك يدور في عقلك وحدك
ما تتمناه لنفسك يكون في نفسك أنت وحدك
اللقمة التي تضعها في فمك يستفيد منها جسمك أنت وحدك
حبك أو بغضك نابع من استفادتك الشخصية أو ضررك أنت وحدك
مرة ثانية جرد الامور من بهرجها وزخرفها وستجدها كما قلت لك
في الواقع أنت في هذه الدنيا وحدك مع خالقك ومولاك
مهما كنت في جماعة أو تنظيم أو حزب أو أسرة كبيرة أو صغيرة
مهما كثر أتباعك وأهلك وبنوك وناصريك
عندما تريد النوم سيتركوك وحدك لتموت موتتك الصغرى بين يدي مولاك وخالقك
مهما طال عمرك والتف حولك الناس أحبابا أو أعداء
عندما يأتيك الموت ستظهر الحقيقة المرة أنك وحدك
سيتركوك وينصرفون
ومع الوقت سينسونك إلا بدعاء وفيِّ بين الحين والحين
فكل واحد منهم أيضا يعيش وحده -علم ذلك او جهله- بين يدي مولاه وخالقه
كلمة فردا تكررت في القرآن ثلاث مرات:
على لسان نبي الله زكريا: "وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ"
ثم مرتين في سورة مريم التي كان بطلها أيضا نبي الله زكريا وكأنها رد على دعائه السابق
فمرة:"وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْداً" والثانية:"وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً "
الزينة .. الزخرف .. الدنيا .. سراب بقيعة .. متاع الغرور .. بعض أسماء الحياة
"ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ "
"هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ وَرُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ "
مولاهم الحق .. مولاهم الحق .. مولاهم الحق