حكي عن محمد بن أحمد المقيد قال سمعت الجنيد رحمه الله يقول : كنت نائما عند السري رحمه الله فأيقظني وقال يا جنيد رأيت كأني وقفت بين يدي الله عز وجل وقال لي
يا سري خلقت الخلق وكلهم ادعوا محبتي
فخلقت الدنيا
فهرب اليها تسعة أعشارهم وبقي العشر
وخلقت الجنة
فهرب اليها تسعة أعشار العشر وبقي عشر العشر
فسلطت عليهم البلاء
فهرب منه تسعة أعشار عشر العشر
فقلت للباقين : لا الدنيا أردتم ، ولا للجنة طلبتم ، ولا من البلاء هربتم
فما الذي تريدون وما الذي تطلبون ؟
قالوا : أنت سبحانك المراد ، ولو قطعتنا بالبلاء لم نحل عن المحبة والوداد
فقلت لهم : إني مسلط عليكم من البلاء والأهوال ما لا يقوم بحمله الجبال
ألا تصبرون على البلاء ؟
قالوا : بلى ، إذا كنت أنت المبتلي لنا ، فافعل ما شئت بنا
فهؤلاء هم عبادي حقا وأحبابي صدقا
*******
قال شعيب بن سعد بن عبد الكافي
اذا سكنت المحبة في القلوب ، وأنارت بأنوار المحبوب ، أثرت وأثمرت في القلب سبعة أشياء لا يضيء مصباح معرفة الرب إلا بها وهي
إخلاص النية لله ، والخوف من الله ، ورجاء ثواب الله ، والصدق مع الله ، والتوكل على الله ، وحسن الظن بالله والشوق الى لقاء الله
فهذه السبعة كما أن للمصباح لا يوقد إلا بسبعة أشياء لابد منها وهي : الزناد والحجر والحراق والكبريت والمسرجة والزيت والفتيلة
فبدون هذه الأشياء لا سبيل الى ايقاد المصباح
فإن أردت يا هذا مصباح قلبك أن يشرق بنور ربك
فلابد من زناد المجاهدة ، وحجر المكابدة ، وحراق الأشواق ، وكبريت المحبة ، ومسرجة التوكل ، وزيت الشكر ، وفتيلة الصبر ، ثم تعلق المصباح في سلاسل التضرع الى ربك ، فعند ذلك يشرق نوره في قلبك فتشاهد جمال ربك
*******
وكان يحيى بن معاذ الرازي يقول في مناجاته
الهي ليس العجب من عبد ذليل يحب ربا جليلا ، بل العجب من رب جليل يحب عبدا ذليلا