كانت ليلة مضنية نفسيا وجسديا ، التقيت فيها مع اثنين من أصدقائي المقربين وجلسنا نتجاذب أطراف الحديث حول ما يحدث في بلدنا خصوصا وفي العالم عموما ، حتى تأخر بنا الوقت فعزمت عليهم على المبيت عندي ، فالبيت خال الا مني وحدي
وفعلا ذهبنا الى النوم ، وقد ضاقت صدورنا بما كنا نناقشه ولم نجد للخروج من مشكلاته حلا
وقبل الفجر بقليل دق جرس الباب دقا متواليا ، فنهضنا من نومنا وقد أيقنا أننا مقبلون على كبسة محترمة ، تليها على الأقل عسكرية أكثر منها إحتراما
نظرت من العين السحرية فلم أر أحدا ، والجرس مازال يدق بإلحاح ، فتحت الباب وأنا مندهش فإذا بي أرى شخصا شديد سواد الثياب شديد سواد الشعر ، بشرته في لون التراب ويلبس نظارة سوداء تغطي معظم وجهه ، أزاحني من طريقه بأسلوب إخواننا اياهم ودخل الى الشقة بسخافة ، وطغت وقاحته على اضطرابي وقلقي منه فصحت فيه قائلا : على فين ياجدع انت هي وكالة من غير بواب ؟
نظر الي من فوق كتفه وهو يبتسم ثم تساءل بصوت لزج : تسمح لي ؟
رددت بغيظ : ما انت دخلت خلاص ، نعم .. يلزم خدمة ؟
اتجه الى صديقي الواقفين في الصالة وهز رأسه لهما وحيا كل واحد باسمه ، ثم التفت الي وقال لي : اتفضل يا أستاذ ... انت واقف عندك ليه ؟
أغلقت باب الشقة وعدت الى الصالة وقد زاد يقيني انه من اخواننا البُعَدا ، وجاي يتسلى ، والا عرف اسماءنا منين ؟
جلست أمامه وقلت له بصوت حاولت أن أجعله وقحا بقدر وقاحته : واضح طبعا اننا كنا نايمين ، وواضح ان مافيش حد يعرف سيادتك ، فياريت من الآخر تقول لنا انت مين وعايز ايه بالضبط ؟
فرد بصوته اللزج : أنا مين مش مهم ، واللي أنا عايزه حاجة تهمكم جدا وكلكم أكيد عايزينها
فنظرنا الى بعضنا على طريقة أفلام الكارتون المدبلجة
وقال الصديق 1 : وايه هي الحاجة دي ؟
الضيف : مصلحة البلد طبعا
فصحت فيه قائلا : انت جاي تقلقنا قرب الفجر علشان تشغلنا مرشدين ؟
ضحك الضيف ضحكة ارتجت لها الشقة كلها ثم زالت الضحكة من على وجهه فجأة كما جاءت فجأة وقال
الضيف : احنا مش محتاجين مرشدين ، احنا بالفعل عارفين عنكم كل حاجة ، فبطلوا الكلام العبيط ده واسمعوني كويس
بص انت وهو أنا جاي لكم من حد كبير جدا في البلد دي ونفوذه في كل حته في العالم
جاي لكم بعرض محدد يا تقبلوه فيكون فيه مصلحة بلدكم وتكونوا قدوة لغيركم في بلاد تانية ، ياترفضوه وأنتم الخسرانين
وفيه ناس تانية كتير يتمنوا يتعرض عليهم عرض زي ده
لست أدري لماذا أحسست وهو يتكلم أن اضاءة المكان قد انخفضت بشدة وأنني أسمع كلامه وكأنه يأتي من داخل رأسي وليس من فمه الى أذني ، ترى هل يملك فعلا هذا الشخص الحل لمشكلات البلد ، ترى هل يمكن أن نكون نحن سببا لهذا الحل
وفجأة سمعت الصديق 2 يقول : مش عارف ليه أنا حاسس انك في الآخر حتطلع بائع متجول رزل بيبيع سلعة صيني معفنة ، وعايز تقنعنا اننا لما نشتريها حتحل مشكلة البلد
ساد صمت مطبق بعد هذه الدعابة التي لم يضحك عليها أحد ، وبدا كأن الضيف لم يسمعها
فقلت محاولا تدارك الموقف : ياريت من الآخر ما هو عرضك ؟
الضيف : مطلوب منكم ثلاثة أشياء بسيطة جدا ، ومنكم أنتم فقط
ازداد نور الغرفة انخفاضا وبدأت أرى من يجلسون فيها بصعوبة
الضيف : مطلوب منكم أولا تبطلوا صلاة ، ثانيا تسجدوا لي سجدة واحدة ، ثالثا تقطعوا علاقتكم ببعض تماما بعد النهاردة
صديق 1: انت بتخرف بتقول ايه
صديق 2: وانتم ايه اللي حيفيدكم من الطلبات دي
الضيف : مالكوش دعوة ، ياتقبلوا ياترفضوا
أنا : طيب والمقابل
انطفأ نور الغرفة تماما ، فلعنت منطقة فيصل وسنينها وقمت وأشعلت شمعة ووضعتها على الترابيزة في منتصف الصالة
أنا : كنت باقول لك والمقابل ايه لده كله ؟
الضيف : الخير حيعم على البلد ، والفلوس حتزيد ، والصحة حتبقى عال العال ، تخيلوا بلدكم دي تصبح زي أوربا وأمريكا
صديق 2: وايه اللي يضمن لنا ان الكلام ده حيتحقق
الضيف : كلمتي
أنا : ياعم هو احنا نعرفك أصلا
نظر الي الضيف من خلف نظارته لسوداء ، لماذا أحس رغم ذلك أني أعرفه
الضيف : عايزين ايه ضمان ؟
صديق 2: ان الكلام اللي انت قلته يحصل الأول
الضيف : وبعدين تنفذوا لي طلباتي ؟
صديق 1: لا طبعا طلباتك مش مقبولة أساسا
أنا : انتظر ياصديقي ولا تتسرع خلينا نتفاوض
صديق1 : نتفاوض على ايه ؟ هي الحاجات دي ينفع فيها تفاوض ، ازاي نبطل صلاة يعني نكفر ، لأ وشوف نكفر بالله ونسجد للمعفن ده يعني نعبده بدل ربنا
الضيف : انت متنرفز ليه ، كل شيء له ثمن ، وعلى كل حال فيه ناس كتير بتعمل الحاجات دي بلا مقابل ، على الأقل انتم حتعملوها بمقابل
صديق 2: طيب وليه ماطلبتش الحاجات دي من الناس التانيين دول وخلصتنا
الضيف : ما أنتم من الناس التانيين
أنا : ياراجل ، أول مرة أعرف اننا من الناس التانيين ، ازاي ان شاء الله
الضيف : فعلا المشكلة أنكم مش عارفين انكم من الناس التانيين ، أفكركم ؟
أقربها امبارح حد فيكم صلى الفجر حاضر ؟ طيب ولما اتجمعتم ، صليتوا العشا امتى ؟ مش الساعة حداشر بعد ما خلصتوا ، ولما بتصلوا بتكونوا بتفكروا في ايه ؟ اوعى تقولوا في الصلاة لأزعل منكم
صديق 2: بس المهم بنصلي
الضيف : اللي قال لك كده ضحك عليك ، انتم مقصرين جدا جدا ، طيب ما تعملوها بجميلة وتبطلوا
الضيف : وحكاية انكم تسجدوا لي ، مالها دي سجدة لاراحت ولا جت فيها ايه يعني ، لكن مقابلها كبير لكل البلد
أنا : بس دي شرك وحرام السجود لغير الله
الضيف : ولا سجدة واحدة ؟
صديق 1: طبعا ولا سجدة واحدة
الضيف : بس ده مش كلامكم على كل الناس ، ولا هو الشرك فيه خيار وفقوس يا بهوات
صديق 2: لا ده كلامنا على كل الناس ، وعمرنا ما قلنا غير كده
الضيف : أفكركم ، أنتم مش قلتم على الشيعة أنهم مسلمين مع انهم بيسجدوا لقبر علي وقبر الحسين وقبور الأئمة يعني حداشر قبر غير قبر الخميني ، وصور الشيعة كبيرهم وصغيرهم وهم يسجدون في هذه الأماكن وظهرهم للقبلة أكثر من أن تحصى أو تكذب ، مش دول بتقولوا عليهم مسلمين زيكم زيهم ، وان مافيش خلاف بينكم في العقيدة ، طيب ما تعملوا زيهم واسجدوا لي
أنا : احنا قلنا كده علشان ما نفرقش كلمة الناس وقت مواجهة الأعداء
الضيف ضاحكا : ها ها ها يا حلو انت يا بتاع الناس ، طيب ما تكمل جميلك على الناس واسجد لي انت سجدة واحدة خلي الناس أحوالها تتحسن
وعلى كل حال الشرط الثالث أظن مافيهوش مشكلة ، سهل جدا
صديق 2: انت عايز تاخد مننا أخوتنا
الضيف يقهقه : أخوتكم هي فين أخوتكم دي ؟
صديق 2: مالها دي كمان يا عبقري
الضيف : أفكركم ، انتم بتتقابلوا الا كل اسبوع مرة ؟ واللي مش معاكم مش بتشوفوهم الا كل شهر مرة واللي مش مع بتوع الشهر مش بتشوفوهم ولا بيخطروا على بالكم خالص ، صح ولا لأ ، أقل مراتب الاخوة عندكم سلامة الصدر ، مين فيكم حريص عليها وبيراعيها ، لما بتختلفوا مع بعض في الرأي بتعملوا في بعض ايه ، وسلملي على سلامة الصدر ، بتحترموا الكبير ؟ بأمارة ايه ؟ تعالوا وشوفوا لما الصغيرين بيكلموا الكبار بيكلموهم ازاي وبيقولوا عنهم ايه ؟
شوف انت وهو أنا اتكلمت معاكم كتير وكله كوم والشرط الثالث ده كوم لوحده
أنا : يعني ممكن تتنازل عن الشرطين الأولانيين ؟ يعني تسيبنا نصلي ونعبد ربنا وحده وترضى اننا نتفرق بس
الضيف : اذا كانوا الطلبين مضايقينكم أو بيحرجوكم أمام أنفسكم مع اني فعلا مش شايف فيهم حاجة غير عادية
أنا : لأ لأ احنا اتفقنا خلاص .. بلاش الطلبين الأولانيين
الضيف : بس لو ما كنتش أنا طيب وقلبي كبير زي اللي باعتني ليكم وموصيني عليكم
صديق 1: بس أنا برضه مش موافق على الطلب الأول
الضيف : قولوا حاجة لصاحبكم ياجماعة أحسن أرجع في رأيي وافض الموضوع
صديق 1: انت عايزنا نبيع بعض ، وكل واحد يبقى لوحده علشان يسهل عليك بعد كده توقيعه وتاخد منه اللي انت عايزه
على فكرة أنا عرفتك خلاص
الضيف : ما أنا عارف ، وصحابك الاتنين كمان عارفيني ، وكلكم عارفيني ومن زمان وعارفين مين باعتني كمان
وكتير منكم كتبوا انهم مستعدين يضعوا ايدهم في ايدي علشان البلد تنهض ، ومستعدين يتنازلوا عن أي شيء علشان بلدهم
احسموا أمركم دلوقت يا اما تحققولي طلبي وما تعرفوش بعض بعد اليوم والا أسحب العرض بتاعي فورا
ساد الصمت لبرهة وكلنا يفكر ، عاد النور الى الشقة في هذه اللحظة ، ورأينا وجوه بعضنا وطافت في خيالنا وجوه إخواننا الآخرين وذكرياتنا معهم ، كم أطعنا الله معا وكم عبدناه معا ، كم تشاركنا المشاعر والأحاسيس ، ففرحنا معا وبكينا معا ، نعم نحن مقصرون في حق بعضنا ، نعم نحن نتشاجر حتى أحيانا ولكننا في النهاية ليس لنا الا بعضنا ، كيف ستكون الحياة لو تفرقنا ، وهل سيفي اللعين عندئذ بوعده ؟ لا طبعا فالضمان الحقيقي لنا والذي يخيفه حقا هو وحدتنا واخوتنا رغم ما فيها ، فإن فقدناها لمساوماته الرخيصة فسيتجرأ أكثر علينا وسيضيع عندئذ الوطن الى الأبد
وكأننا اتخذنا قرارنا سويا بالرفض والاعتصام بحبل الله وعدم التفرق ، أمسكت الشبشب في يدي ، ونهضت لطرد الضيف اللعين به ، فذاب في الهواء كما يذوب الملح في الماء
واستيقظت من نومي على يد صديقي يهزني لصلاة الفجر الذي يؤذن وهو يقول : اصحى ياعم عايزين ننزل نصلي الفجر كفاية العشا اللي أخرناها امبارح
وفعلا ذهبنا الى النوم ، وقد ضاقت صدورنا بما كنا نناقشه ولم نجد للخروج من مشكلاته حلا
وقبل الفجر بقليل دق جرس الباب دقا متواليا ، فنهضنا من نومنا وقد أيقنا أننا مقبلون على كبسة محترمة ، تليها على الأقل عسكرية أكثر منها إحتراما
نظرت من العين السحرية فلم أر أحدا ، والجرس مازال يدق بإلحاح ، فتحت الباب وأنا مندهش فإذا بي أرى شخصا شديد سواد الثياب شديد سواد الشعر ، بشرته في لون التراب ويلبس نظارة سوداء تغطي معظم وجهه ، أزاحني من طريقه بأسلوب إخواننا اياهم ودخل الى الشقة بسخافة ، وطغت وقاحته على اضطرابي وقلقي منه فصحت فيه قائلا : على فين ياجدع انت هي وكالة من غير بواب ؟
نظر الي من فوق كتفه وهو يبتسم ثم تساءل بصوت لزج : تسمح لي ؟
رددت بغيظ : ما انت دخلت خلاص ، نعم .. يلزم خدمة ؟
اتجه الى صديقي الواقفين في الصالة وهز رأسه لهما وحيا كل واحد باسمه ، ثم التفت الي وقال لي : اتفضل يا أستاذ ... انت واقف عندك ليه ؟
أغلقت باب الشقة وعدت الى الصالة وقد زاد يقيني انه من اخواننا البُعَدا ، وجاي يتسلى ، والا عرف اسماءنا منين ؟
جلست أمامه وقلت له بصوت حاولت أن أجعله وقحا بقدر وقاحته : واضح طبعا اننا كنا نايمين ، وواضح ان مافيش حد يعرف سيادتك ، فياريت من الآخر تقول لنا انت مين وعايز ايه بالضبط ؟
فرد بصوته اللزج : أنا مين مش مهم ، واللي أنا عايزه حاجة تهمكم جدا وكلكم أكيد عايزينها
فنظرنا الى بعضنا على طريقة أفلام الكارتون المدبلجة
وقال الصديق 1 : وايه هي الحاجة دي ؟
الضيف : مصلحة البلد طبعا
فصحت فيه قائلا : انت جاي تقلقنا قرب الفجر علشان تشغلنا مرشدين ؟
ضحك الضيف ضحكة ارتجت لها الشقة كلها ثم زالت الضحكة من على وجهه فجأة كما جاءت فجأة وقال
الضيف : احنا مش محتاجين مرشدين ، احنا بالفعل عارفين عنكم كل حاجة ، فبطلوا الكلام العبيط ده واسمعوني كويس
بص انت وهو أنا جاي لكم من حد كبير جدا في البلد دي ونفوذه في كل حته في العالم
جاي لكم بعرض محدد يا تقبلوه فيكون فيه مصلحة بلدكم وتكونوا قدوة لغيركم في بلاد تانية ، ياترفضوه وأنتم الخسرانين
وفيه ناس تانية كتير يتمنوا يتعرض عليهم عرض زي ده
لست أدري لماذا أحسست وهو يتكلم أن اضاءة المكان قد انخفضت بشدة وأنني أسمع كلامه وكأنه يأتي من داخل رأسي وليس من فمه الى أذني ، ترى هل يملك فعلا هذا الشخص الحل لمشكلات البلد ، ترى هل يمكن أن نكون نحن سببا لهذا الحل
وفجأة سمعت الصديق 2 يقول : مش عارف ليه أنا حاسس انك في الآخر حتطلع بائع متجول رزل بيبيع سلعة صيني معفنة ، وعايز تقنعنا اننا لما نشتريها حتحل مشكلة البلد
ساد صمت مطبق بعد هذه الدعابة التي لم يضحك عليها أحد ، وبدا كأن الضيف لم يسمعها
فقلت محاولا تدارك الموقف : ياريت من الآخر ما هو عرضك ؟
الضيف : مطلوب منكم ثلاثة أشياء بسيطة جدا ، ومنكم أنتم فقط
ازداد نور الغرفة انخفاضا وبدأت أرى من يجلسون فيها بصعوبة
الضيف : مطلوب منكم أولا تبطلوا صلاة ، ثانيا تسجدوا لي سجدة واحدة ، ثالثا تقطعوا علاقتكم ببعض تماما بعد النهاردة
صديق 1: انت بتخرف بتقول ايه
صديق 2: وانتم ايه اللي حيفيدكم من الطلبات دي
الضيف : مالكوش دعوة ، ياتقبلوا ياترفضوا
أنا : طيب والمقابل
انطفأ نور الغرفة تماما ، فلعنت منطقة فيصل وسنينها وقمت وأشعلت شمعة ووضعتها على الترابيزة في منتصف الصالة
أنا : كنت باقول لك والمقابل ايه لده كله ؟
الضيف : الخير حيعم على البلد ، والفلوس حتزيد ، والصحة حتبقى عال العال ، تخيلوا بلدكم دي تصبح زي أوربا وأمريكا
صديق 2: وايه اللي يضمن لنا ان الكلام ده حيتحقق
الضيف : كلمتي
أنا : ياعم هو احنا نعرفك أصلا
نظر الي الضيف من خلف نظارته لسوداء ، لماذا أحس رغم ذلك أني أعرفه
الضيف : عايزين ايه ضمان ؟
صديق 2: ان الكلام اللي انت قلته يحصل الأول
الضيف : وبعدين تنفذوا لي طلباتي ؟
صديق 1: لا طبعا طلباتك مش مقبولة أساسا
أنا : انتظر ياصديقي ولا تتسرع خلينا نتفاوض
صديق1 : نتفاوض على ايه ؟ هي الحاجات دي ينفع فيها تفاوض ، ازاي نبطل صلاة يعني نكفر ، لأ وشوف نكفر بالله ونسجد للمعفن ده يعني نعبده بدل ربنا
الضيف : انت متنرفز ليه ، كل شيء له ثمن ، وعلى كل حال فيه ناس كتير بتعمل الحاجات دي بلا مقابل ، على الأقل انتم حتعملوها بمقابل
صديق 2: طيب وليه ماطلبتش الحاجات دي من الناس التانيين دول وخلصتنا
الضيف : ما أنتم من الناس التانيين
أنا : ياراجل ، أول مرة أعرف اننا من الناس التانيين ، ازاي ان شاء الله
الضيف : فعلا المشكلة أنكم مش عارفين انكم من الناس التانيين ، أفكركم ؟
أقربها امبارح حد فيكم صلى الفجر حاضر ؟ طيب ولما اتجمعتم ، صليتوا العشا امتى ؟ مش الساعة حداشر بعد ما خلصتوا ، ولما بتصلوا بتكونوا بتفكروا في ايه ؟ اوعى تقولوا في الصلاة لأزعل منكم
صديق 2: بس المهم بنصلي
الضيف : اللي قال لك كده ضحك عليك ، انتم مقصرين جدا جدا ، طيب ما تعملوها بجميلة وتبطلوا
الضيف : وحكاية انكم تسجدوا لي ، مالها دي سجدة لاراحت ولا جت فيها ايه يعني ، لكن مقابلها كبير لكل البلد
أنا : بس دي شرك وحرام السجود لغير الله
الضيف : ولا سجدة واحدة ؟
صديق 1: طبعا ولا سجدة واحدة
الضيف : بس ده مش كلامكم على كل الناس ، ولا هو الشرك فيه خيار وفقوس يا بهوات
صديق 2: لا ده كلامنا على كل الناس ، وعمرنا ما قلنا غير كده
الضيف : أفكركم ، أنتم مش قلتم على الشيعة أنهم مسلمين مع انهم بيسجدوا لقبر علي وقبر الحسين وقبور الأئمة يعني حداشر قبر غير قبر الخميني ، وصور الشيعة كبيرهم وصغيرهم وهم يسجدون في هذه الأماكن وظهرهم للقبلة أكثر من أن تحصى أو تكذب ، مش دول بتقولوا عليهم مسلمين زيكم زيهم ، وان مافيش خلاف بينكم في العقيدة ، طيب ما تعملوا زيهم واسجدوا لي
أنا : احنا قلنا كده علشان ما نفرقش كلمة الناس وقت مواجهة الأعداء
الضيف ضاحكا : ها ها ها يا حلو انت يا بتاع الناس ، طيب ما تكمل جميلك على الناس واسجد لي انت سجدة واحدة خلي الناس أحوالها تتحسن
وعلى كل حال الشرط الثالث أظن مافيهوش مشكلة ، سهل جدا
صديق 2: انت عايز تاخد مننا أخوتنا
الضيف يقهقه : أخوتكم هي فين أخوتكم دي ؟
صديق 2: مالها دي كمان يا عبقري
الضيف : أفكركم ، انتم بتتقابلوا الا كل اسبوع مرة ؟ واللي مش معاكم مش بتشوفوهم الا كل شهر مرة واللي مش مع بتوع الشهر مش بتشوفوهم ولا بيخطروا على بالكم خالص ، صح ولا لأ ، أقل مراتب الاخوة عندكم سلامة الصدر ، مين فيكم حريص عليها وبيراعيها ، لما بتختلفوا مع بعض في الرأي بتعملوا في بعض ايه ، وسلملي على سلامة الصدر ، بتحترموا الكبير ؟ بأمارة ايه ؟ تعالوا وشوفوا لما الصغيرين بيكلموا الكبار بيكلموهم ازاي وبيقولوا عنهم ايه ؟
شوف انت وهو أنا اتكلمت معاكم كتير وكله كوم والشرط الثالث ده كوم لوحده
أنا : يعني ممكن تتنازل عن الشرطين الأولانيين ؟ يعني تسيبنا نصلي ونعبد ربنا وحده وترضى اننا نتفرق بس
الضيف : اذا كانوا الطلبين مضايقينكم أو بيحرجوكم أمام أنفسكم مع اني فعلا مش شايف فيهم حاجة غير عادية
أنا : لأ لأ احنا اتفقنا خلاص .. بلاش الطلبين الأولانيين
الضيف : بس لو ما كنتش أنا طيب وقلبي كبير زي اللي باعتني ليكم وموصيني عليكم
صديق 1: بس أنا برضه مش موافق على الطلب الأول
الضيف : قولوا حاجة لصاحبكم ياجماعة أحسن أرجع في رأيي وافض الموضوع
صديق 1: انت عايزنا نبيع بعض ، وكل واحد يبقى لوحده علشان يسهل عليك بعد كده توقيعه وتاخد منه اللي انت عايزه
على فكرة أنا عرفتك خلاص
الضيف : ما أنا عارف ، وصحابك الاتنين كمان عارفيني ، وكلكم عارفيني ومن زمان وعارفين مين باعتني كمان
وكتير منكم كتبوا انهم مستعدين يضعوا ايدهم في ايدي علشان البلد تنهض ، ومستعدين يتنازلوا عن أي شيء علشان بلدهم
احسموا أمركم دلوقت يا اما تحققولي طلبي وما تعرفوش بعض بعد اليوم والا أسحب العرض بتاعي فورا
ساد الصمت لبرهة وكلنا يفكر ، عاد النور الى الشقة في هذه اللحظة ، ورأينا وجوه بعضنا وطافت في خيالنا وجوه إخواننا الآخرين وذكرياتنا معهم ، كم أطعنا الله معا وكم عبدناه معا ، كم تشاركنا المشاعر والأحاسيس ، ففرحنا معا وبكينا معا ، نعم نحن مقصرون في حق بعضنا ، نعم نحن نتشاجر حتى أحيانا ولكننا في النهاية ليس لنا الا بعضنا ، كيف ستكون الحياة لو تفرقنا ، وهل سيفي اللعين عندئذ بوعده ؟ لا طبعا فالضمان الحقيقي لنا والذي يخيفه حقا هو وحدتنا واخوتنا رغم ما فيها ، فإن فقدناها لمساوماته الرخيصة فسيتجرأ أكثر علينا وسيضيع عندئذ الوطن الى الأبد
وكأننا اتخذنا قرارنا سويا بالرفض والاعتصام بحبل الله وعدم التفرق ، أمسكت الشبشب في يدي ، ونهضت لطرد الضيف اللعين به ، فذاب في الهواء كما يذوب الملح في الماء
واستيقظت من نومي على يد صديقي يهزني لصلاة الفجر الذي يؤذن وهو يقول : اصحى ياعم عايزين ننزل نصلي الفجر كفاية العشا اللي أخرناها امبارح