لست أدري لماذا أعتقد أن التناحة صفة عربية أصيلة ؟ والتناحة لمن لا يعرف معناها – وان كنت أشك ان هناك من لا يعرف معناها – هي ان يكون الشخص ثقيل بارد لزج سخيف ممل بطيء كسول عديم الاحساس بمن حوله ضحل التفكير والمشاعر لا يهتم الا بنفسه فقط وما يملك ، كل هذه الصفات الزفت جمعها عبقري لغوي – لست أدري من هو – في كلمة التناحة
ربما أفهم أن يكون هناك غني تنح لأنه مستريح ماديا فلا يحتاج الى أن يكون غير تنح ليعيش في دنيا الناس فهو يعيش رغما عنهم بفلوسه ، ولكن ما لا أفهمه هو التناسب الطردي بين الفقر والتناحة ، هل هي من مستلزمات الفقر يصنعها الفقير لنفسه مثل القوقعة ليحتمي فيها من ظروفه الصعبة ، طيب ما هي في نفس الوقت تمنع عنه الكثير من الخير ، وتجعله دائما في مكانة رديئة ومتدنية
أصبح مشهورا الآن أنه لا أحد يحصل على حقه الا بالتناحة والرزالةأصبح التنح هو الذي يحصل على ما يريد لأنه مستعد أن يفعل أي شيء وأن يتحمل أي شيء ببرود تام من طوابير الخبز الى المواصلات المتخمة بالمفعوصين بداخلها ، الى التعامل مع الباعة وتناحتهم هم كمان ، الى التناغم مع تناحة مديره في العمل ، وتحمله لقلة عقل أم العيال ، والعكننة المنزلية الدائمة ، ومشاكل الجيران ، هل يتحمل كل هذا الا تنح محترم
ثم يتطور التنح سريعا من مستلوح للحصول على حقه الى مستهبل لأكل حقوق الغير بالمرة وأهي كلها تناحة ، ومن منا لم يعاني مرات ومرات من أناس تنحة تقابله وتقرفه في عيشته يوميا ؟
.اذا التناحة بديل الايجابية والاحترام والعزة والشجاعة وهي قرينة الجبن والخِسة والذلة ورضا الدَنِيَّة في كل شيء ، وقديما قال الشاعر
ومن يهن يسهل الهوان عليه وما لجرح بميت ايلام
الفرد في الدول المحترمة لا يحتاج الى أن يكون تنحا ، لأنه في دولة تكفل له الحرية في أن يشكو ويصرخ ويعترض ويغير فلماذا يتنح ؟ التنح في الدول المتقدمة ليس له مكان الا على الرصيف متشردا ، وحتى هؤلاء لا يصمتون بل يطالبون بحقوقهم ، ولهم الجمعيات التي تدافع عنهم ليلا ونهارا
بحثت في القواميس والمعاجم عن معنى يقابل كلمة التنح فلم أجد لا في العربية ولا في أي لغة ، ولكن اذا كان المستقبل للتناحة والتنحين فنحن ننادي بقوة "يا تنحين العالم اتحدوا" ربنا ياخذكم ويريحنا منكم
No comments:
Post a Comment