Thursday, October 18, 2007

مالك بن دينار

السيد الكبير الوليِّ الشهير أبو يحيى مالك بن دينار، البصري، الزاهد المشهور، عَلَمُ العُلَمَاءِ الأَبْرَارِ، مَعْدُوْدٌ فِي ثِقَاتِ التَّابِعِيْنَ .
كان مولى لبني أسامة بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك ، وكان يكتب المصاحف بالأجرة، أقام أربعين سنة لا يأكل من ثمار البصرة، ولا يأكل إلا من عمل يده
وُلِدَ: فِي أَيَّامِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قِيْلَ: كَانَ أَبُوْهُ دِيْنَارٌ مِنْ سَبْي سِجِسْتَانَ، وَكَنَّاهُ النَّسَائِيُّ: أَبَا يَحْيَى، وَقَالَ: ثِقَةٌ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ فَمَنْ بَعْدَه، وَحَدَّثَ عَنْهُ.
وَعَنِ: الأَحْنَفِ بنِ قَيْسٍ، وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، وَالحَسَنِ البَصْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ شَوْذَبٍ، وَهَمَّامُ بنُ يَحْيَى، وَأَبَانُ بنُ يَزِيْدَ العَطَّارُ، وَعَبْدُ السَّلاَمِ بنُ حَرْبٍ، وَالحَارِثُ بنُ وَجِيْهٍ، وَطَائِفَةٌ سِوَاهُم، وَ
هُوَ لَيْسَ مِنْ أَسَاطِيْنِ الرِّوَايَةِ.
وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَاسْتَشْهَدَ بِهِ البُخَارِيُّ، وَحَدِيْثُه فِي دَرَجَةِ الحَسَنِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: مَالِكٌ: ثِقَةٌ، قَلِيْلُ الحَدِيْثِ، كَانَ يَكْتُبُ المَصَاحِفَ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ: ثِقَةٌ، وَلاَ يَكَادُ يُحَدِّثُ عَنْهُ ثِقَةٌ.
قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: مَا أَدْرَكتُ أَحَداً أَزْهَدَ مِنْ مَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ.

قصة توبته
يروى عن مالك بن دينار رضي الله عنه أنه سئل عن سبب توبته فقال:كنت منهمكا في شرب الخمر، ثم إني اشتريت جارية نفيسة فأحببتها وأحسنت اليها، وولدت لي بنتا فشغفت بها، فلما دبت على الأرض ازداد حبي لها وكنت اذا وضعت المسكر جاءت إلي وجاذبتني إياه وأهرقته على ثوبي، ثم لما تم لها سنتان ماتت فأكمدني الحزن عليها. ولما كانت ليلة النصف من شعبان، وكانت ليلة جمعة بت ثملا من الخمر ولم أصل العشاء إثر ذلك فرأيت في منامي كأن القيامة قد قامت ونفخ في الصور وبعثر ما في القبور وحشر الخلائق وأنا معهم، فسمعت حسا فالتفت فإذا بتنين عظيم أسود أزرق قد فتح فاه مسرعا نحوي، ففرت بين يديه هاربا فزعا مرعوبا، فمررت في طريقي فإذا أنا بشيخ نقي الثياب طيب الرائحة، فسلمت عليه فرد السلام، فقلت له أيها الشيخ أجرني من هذا التنين أجارك الله عز وجل، فبكى، وقال أنا ضعيف وهذا أقوى مني، فوليت هاربا على وجهي، فصعدت على شرف القيامة، فأشرفت على طبقات النيران، فكدت أهوي فيها من فزعي، فصاح صائح ارجع فلست من أهلها، فاطمأننت ورجعت، ورجع التنين في طلبي، فأتيت الشيخ، فقلت سألتك أن تجيرني من هذا التنين فلم تفعل، فبكى فقال أنا ضعيف، ولكن سر إلى هذا الجبل فإن فيه ودائع للمسلمين فإن لك فيه وديعة فتنصرك، فنظرت إلى جبل مستدير من فضة فيه طاقات مخرّمة وستور معلقة، على كل طاقة مصراعان من الذهب الأحمر، مفصلة بالياقوت، مكفوفة بالدر، على كل مصراع ستر من الحرير، فلما نظرت إلى الجبل هرولت إليه والتنين من ورائي، حتى إذا قربت منه صاح بعض الملائكة ارفعوا الستور وافتحوا المصاريع وأشرفوا، فرأيت أطفالاً كالأقمار، وقرب التنين مني فحرت في أمري، فقال بعض الأطفال ويحكم أشرفوا كلكم فقد قرب منه عدوه، فأشرفوا فوجا بعد فوج وإذا بابنتي التي ماتت قد نظرت إلي وبكت، وقالت أبي والله، ثم وثبت في كفة من نور كرمية السهم حتى صارت عندي، ومدت يدها الشمال إلى يدي اليمين، فعلقت بها، ومدت يدها اليمين إلى التنين فولى هاربا، ثم أجلستني وقعدت في حجري، وضربت بيدها اليمين إلى لحيتي، وقالت يا أبت {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله} فبكيت، وقلت أنتم تعرفون القرآن؟ فقالت نحن أعرف به منكم أيها الأحياء، فقلت فأخبريني عن التنين الذي أراد أن يهلكني، قالت ذلك عملك السيئ قويته فأراد أن يغرقك في نار الجحيم، قلت فالشيخ ؟ قالت ذاك عملك الصالح أضعفته حتى لم يكن له طاقة بعملك السيئ، فقلت يا بنية ما تصنعون في هذا الجبل؟ قالت أطفال المؤمنين قد اسكنوا فيه إلى أن تقوم الساعة ننتظركم تقدمون علينا فنشفع لكم، فانتبهت فزعا مرعوبا، فكسرت آلات المخالفة وتركت جميع ذلك وعقدت مع الله توبة نصوحا فتاب علي سبحانه

من أقواله ورواياته

قَالَ مَالِك بنَ دِيْنَارٍ : وَدِدْتُ أَنَّ رِزْقِي فِي حَصَاةٍ أَمْتَصُّهَا، لاَ أَلتمِسُ غَيْرَهَا حَتَّى أَمُوْتَ.
وَقَالَ: مُذْ عَرَفْتُ النَّاسَ لَمْ أَفرَحْ بِمَدحِهِم، وَلَمْ أَكرَهْ ذَمَّهُم؛ لأَنَّ حَامِدَهُم مُفرِطٌ، وَذَامَّهُم مُفرِطٌ، إِذَا تَعَلَّمَ العَالِمُ العِلْمَ لِلْعَملِ، كَسَرَهُ، وَإِذَا تَعَلَّمَه لِغَيْرِ العَمَلِ، زَادَهُ فَخراً.
ومَرَّ المُهَلَّبُ عَلَى مَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ مُتبخْتِراً، فَقَالَ: أَمَا عَلِمتَ أَنَّهَا مِشْيَةٌ يَكرَهُهَا اللهُ إِلاَّ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ؟!
فَقَالَ المُهَلَّبُ: أَمَا تَعْرِفُنِي؟
قَالَ: بَلَى، أَوَّلُكَ نُطفَةٌ مَذِرَةٌ، وَآخِرُكَ جِيْفَةٌ قَذِرَةٌ، وَأَنْتَ فِيْمَا بَيْنَ ذَلِكَ تَحْمِلُ العَذِرَةَ.
فَانْكَسَرَ، وَقَالَ: الآنَ عَرَفْتَنِي حَقَّ المَعْرِفَةِ.
وقَالَ مَالِك بنِ دِيْنَارٍ: إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي القَلْبِ حُزْنٌ خَرِبَ.
وقَالَ مَالِك بنِ دِيْنَارٍ: مَنْ تَبَاعدَ مِنْ زَهرَةِ الدُّنْيَا، فَذَاكَ الغَالِبُ هَوَاهُ.
وقَالَ مَالِك بنِ دِيْنَارٍ: مَا مِنْ أَعْمَالِ البِرِّ شَيْءٌ، إِلاَّ وَدُوْنَهُ عُقَيْبَةٌ، فَإِنَّ صَبَرَ صَاحِبُهَا، أَفَضتْ بِهِ إِلَى رُوْحٍ، وَإِن جَزِعَ، رَجَعَ.
وَقِيْلَ: دَخَلَ عَلَيْهِ لِصٌّ، فَمَا وَجَدَ مَا يَأْخُذُ، فَنَادَاهُ مَالِكٌ: لَمْ تَجِدْ شَيْئاً مِنَ الدُّنْيَا، فَتَرغَبُ فِي شَيْءٍ مِنَ الآخِرَةِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: تَوَضَّأْ، وَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ.
فَفَعَلَ، ثُمَّ جَلَسَ، وَخَرَجَ إِلَى المَسْجِدِ، فَسُئِلَ: مَنْ ذَا؟
قَالَ: جَاءَ لِيَسرِقَ، فَسَرَقْنَاهُ.
وقَالَ مَالِك بنِ دِيْنَارٍ: خَرَجَ أَهْلُ الدُّنْيَا مِنَ الدُّنْيَا وَلَمْ يَذوقُوا أَطْيَبَ شَيْءٍ فِيْهَا.
قِيْلَ: وَمَا هُوَ؟
قَالَ: مَعْرِفَةُ اللهِ تَعَالَى.
وقَالَ مَالِك بنِ دِيْنَارٍ: إِنَّ الصِّدِّيْقِيْنَ إِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ القُرْآنُ، طَرِبَتْ قُلُوْبُهم إِلَى الآخِرَةِ.
ثُمَّ يَقُوْلُ: خُذُوا.
فَيَتْلُو، وَيَقُوْلُ: اسْمَعُوا إِلَى قَوْلِ الصَّادِقِ مِنْ فَوْقِ عَرْشِه.
وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ، قَالَ:
أَتَيْنَا أَنَساً - رضي الله عنه -أَنَا، وَثَابِتٌ، وَيَزِيْدُ الرَّقَاشِيُّ، فَنَظَرَ إِلَيْنَا، فَقَالَ:
مَا أَشْبَهَكم بِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَنْتُم أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عِدَّةِ وَلَدِي، إِلاَّ أَنْ يَكُوْنُوا فِي الفَضْلِ مِثْلَكم، إِنِّي لأَدعُو لَكُم فِي الأَسحَارِ.
قَالَ السَّرِيُّ بنُ يَحْيَى: قَالَ مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ:
إِنَّهُ لَتَأْتِي عَلَيَّ السَّنَةُ لاَ آكُلُ فِيْهَا لَحماً إِلاَّ مِنْ أُضحِيَتِي يَوْمَ الأَضْحَى.
ووقع حريق بداره بالبصرة فخرج متزراً ببارية وبيده مصحف، وقال: فاز المخفون
وقَالَ مَالِك بنِ دِيْنَارٍ: وَدِدْتُ أَنَّ اللهَ يَجْمَعُ الخَلاَئِقَ، فَيَأْذَنُ لِي أَنْ أَسجَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَعْرِفُ أَنَّهُ قَدْ رَضِي عَنِّي، فَيَقُوْلُ لِي: كُنْ تُرَاباً.
قَالَ رِيَاحُ بنُ عَمْرٍو القَيْسِيُّ: سَمِعْتُ مَالِكَ بنَ دِيْنَارٍ يَقُوْلُ:
دَخلَ عَلَيَّ جَابِرُ بنُ زَيْدٍ وَأَنَا أَكْتُبُ، فَقَالَ: يَا مَالِكُ، مَا لَكَ عَمَلٌ إِلاَّ هَذَا؟
تَنقُلُ كِتَابَ اللهِ، هَذَا -وَاللهِ- الكَسْبُ الحَلاَلُ.
وَعَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: كَانَ أُدمُ مَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِفِلْسَيْنِ مِلْحٍ.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: كَانَ يَنسَخُ المُصْحَفَ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَيَدَعُ أُجْرَتَه عِنْدَ البَقَّالِ، فَيَأْكُلُه.
وقَالَ مَالِك بنِ دِيْنَارٍ: لَوِ اسْتَطَعْتُ لَمْ أَنَمْ مَخَافَةَ أَنْ يَنْزِلَ العَذَابُ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ، النَّارَ النَّارَ.
وقَالَ مَالِك بنِ دِيْنَارٍ: إنك إن تنقل الأحجار مع الأبرار خير لك من أن تأكل الخبيص مع الفجار. وأنشد:
وصاحب خيار الناس تنج مسلما وصاحب شرار الناس يوما فتندما‏
وقال مالك بن دينار: ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة قلب، وما غضب الله على قوم إلا نزع الرحمة من قلوبهم
وقال مالك بن دينار: لو كانت الدنيا من ذهب يفنى، والآخرة من خزف يبقى، لكان الواجب أن يؤثر خزف يبقى، على ذهب يفنى. قال: فكيف والآخرة من ذهب يبقى، والدنيا من خزف يفنى.‏
وأخرج ابن أبي الدنيا عن مالك بن دينار قال: القيامة عرس المتقين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن دينار قال: إنما سمي الدينار لأنه دين، ونار، قال: معناه أن من أخذه بحقه فهو دينه، ومن أخذه بغير حقه فله النار.
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار قال: قرأت في التوراة من يزدد علما يزدد وجفا. وقال: مكتوب في التوراة من كان له جار يعمل بالمعاصي فلم ينهه فهو شريكه.
وأخرج أبو الشيخ عن مالك بن دينار رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} قال: بلغني أنه يدعى يوم القيامة بالمُذَكِّر الصادق، فيوضع على رأسه تاج الملك، ثم يؤمر به إلى الجنة فيقول: إلهي إن في مقام القيامة أقواما قد كانوا يعينوني في الدنيا على ما كنت عليه. قال: فيفعل بهم مثل ما فعل به، ثم ينطلق يقودهم إلى الجنة لكرامته على الله.
وأخرج أبو الشيخ، عن مالك بن دينار - رضي الله عنه - قال: كلما أحدثتم ذنبا، أحدث الله لكم من سلطانكم عقوبة.
وأخرج أبو الشيخ، عن مالك بن دينار - رضي الله عنه - قال: قرأت في بعض الكتب: "إني أنا الله مالك الملوك، قلوب الملوك بيدي، فلا تشغلوا قلوبكم بسب الملوك، وادعوني أعطفهم عليكم".
وأخرج ابن المنذر عن مالك بن دينار قال: أقسم لكم لا يؤمن عبد بهذا القرآن إلا صدع قلبه.
وقَالَ مَالِكُ بنِ دِيْنَارٍ: إذا لم يعمل العالم بعلمه زلت موعظته من القلوب كما يزل القطر من الصفا وأنشد
يا واعظ الناس قد أصبحت متهماً * إذ عبت منهم أموراً أنت تأتيها
وقَالَ مَالِكُ بنِ دِيْنَارٍ: رضي الله تعالى عنه إذا رأيت قساوة في قلبك ووهناً في بدنك وحرماناً في رزقك فاعلم أنك تكلمت فيما لا يعنيك
وقَالَ مَالِكُ بنِ دِيْنَارٍ: والله لو كان الناس يشمون روائح المعاصي ما استطاع أن يجالسني أحد من نتن ريحي.
وقَالَ مَالِكُ بنِ دِيْنَارٍ: قرأت في التوراة: إذا استكمل العبد النفاق ملك عينيه. أي يبكي بهما متى شاء.
وقَالَ مَالِكُ بنِ دِيْنَارٍ: المنافقون في المسجد كالعصافير في القفص.‏
حدثنا فطر بن حماد حدثنا أبي قال: سمعت مالك بن دينار يقول: يقول الناس: مالك بن دينار يعني مالك بن دينار زاهد إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز الذي أتته الدنيا فتركها.‏
كان مالك بن دينار يقول: والله لو حلف إنسان بأن أعمالي أعمال من لا يؤمن بيوم الحساب لقلت له صدقت ، لا تكفر عن يمينك
ورأى شخص في المنام مالك بن دينار في الجنة فأتاه يبشره بذلك فقال له مالك أما وجد إبليس أحدا يسخر به غيري وغيرك
وكانت السحابة إذا مرت عليه وهو يملي الحديث يسكت ويرتعد ويقول اصبروا حتى تمر فإني أخاف أن تكون فيها حجارة ترجمنا بها.
وسألوه يوما أن يخرج معهم للاستسقاء، فقال بالله عليكم اتركوني فإني أخاف أن لا تسقوا بسببي.
وروي عن مالك بن دينار أنه قال: إني أجيز شهادة القراء على جميع الخلق ولا أجيز شهادة القراء بعضهم على بعض لأني وجدتهم حسادا.
وروي أن مالك بن دينار رحمه اللَّه تعالى كان جالساً ذات يوم. فجاء سائل وسأله شيئاً ، وكان عنده سلة تمر، فقال لامرأته ائتيني بها، فأخذها مالك فأعطى نصفها إلى السائل وردّ نصفها إلى امرأته، فقالت له امرأته مثلك يسمى زاهداً: هل رأيت أحداً يبعث إلى الملك هدية مكسرة؟ فدعا مالك بالسائل وأعطاه البقية، ثم أقبل على امرأته فقال لها يا هذه اجتهدي ثم اجتهدي، فإن اللَّه تعالى قال {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ، ثُمَّ الجَحِيمَ صَلُّوهُ، ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ} فيقال من أين هذه الشدة قال {إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ العَظِيمِ، وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ المِسْكِينِ} اعلمي أيتها المرأة قد طرحن عن عنقنا نصفها بالإيمان فينبغي أن نطرح النصف الآخر بالصدقة.
وعن مالك بن دينار قيل له كيف أصبحت؟ قال كيف يصبح من كان منقلبه من دار إلى دار ولا يدري إلى الجنة يصير أم إلى النار.
وقَالَ مَالِكُ بنِ دِيْنَارٍ: إني لأغبط الرجل يكون عيشه كفافاً فيقنع به.
حدث المغيرة بن حبيب ختن مالك بن دينار أنه قال: يموت مالك بن دينار وأنا معه في الدار ولا أدري ما عمله. قال: فصليت العشاء الآخرة ثم جئت فلبست قطيفة في أطول ما يكون الليل. قال: وجاء مالك فقرب رغيفه فأكل ثم قام إلى آخر الصلاة، فاستفتح ثم أخذ بلحيته فجعل يقول: "إذا جمعت الأولين والآخرين فحرم شيبة مالك بن دينار على النار" فو الله ما زال كذلك حتى غلبتني عيني، ثم انتبهت فإذا هو على تلك الحال يقدم رجلاً ويؤخر أخرى يقول: "يارب إذا جمعت الأولين والآخرين فحرّم شيبة مالك بن دينار على النار" فما زال كذلك حتى طلع الفجر.

قَالَ السَّرِيُّ بنُ يَحْيَى: تُوُفِّيَ مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ

Photo Sharing and Video Hosting at Photobucket

No comments: