دخلنا في معركة سخيفة
الانتخابات اولا أم الدستور أولا ؟
وما كان لنا أن ندخل هذه المعركة ولا أن يطرح هذا السؤال بداية لو كان هناك أدنى احترام لهذا الشعب
فبعد أن قال الشعب كلمته في الاستفتاء كان المفروض طي هذه الصفحة والمضي قدما الى الخطوة التالية
ولكن وياللعجب مازالوا يطرحون نفس السؤال بعد 3 شهورمن الاستفتاء
المضحك أنهم يتبجحون بقولهم "الشعب يريد الدستور أولا" !!!
"الشعب" هي كلمة تطلق على الغالبية العظمى من المواطنين الذين يعيشون في الوطن
وهي الغالبية العددية المحكومة حيث أن الأقلية العددية هي الحاكمة وهذا أمر طبيعي في العالم كله
والغالبية العظمى من الشعب المصري -لو استبعدنا الأطفال- لا ينتمون الى اي حزب سياسي أي لا يشتغلون بالسياسة
وجل اهتماماتهم السياسية تكاد تنحصر فيما يؤثر في حياتهم اليومية مثل الطعام والدخان والمواصلات ..الخ
لذلك فليس صحيحا أيضا من يقول أن "الشعب يريد الانتخابات أولا" !!!
الشعب يريد الخبز أولا
لن يرحم الشعب إذا جاع من يسوقونه الى أزمة او مجاعة
لن يرحم الشعب إذا افتقر من يتلاعبون بمقدرات الوطن
لن يرحم الشعب إذا أفلس نخبة ولا صفوة
بل لن يرحم الشعب من كانوا يملكون الضرب على أيدي من يغامرون بمستقبله وتهاونوا في ذلك
بقدر ما سيقتنع رجل الشارع وربة البيت أن الانتخابات أولا ستعود بالنفع عليهم وعلى ابنائهم بقدر ما سيدافعون عن خيارهم الديموقراطي الذي اختاروه في الاستفتاء
للأسف هناك من يخاطب الناس الآن ان اختيارهم كان خاطئا وأن وضع الدستورهو الذي سيكفل الاستقرار وبدون الدستور ستكون فوضى والأمن لن يعود والاسعار ستزداد بل بالغ أحدهم فقال : ومش بعيد نلاقي حسني مبارك ولا جمال مبارك بيحكمونا تاني !!!
فإلى كل من قال لا وإلى كل من قال نعم
لا تفرحوا إن كسبتم جولة أو خسرتم جولة الآن فإن حسابكم آت لا محالة
حسابكم أمام أنفسكم
وحسابكم أمام أبنائكم
وحسابكم امام الشعب
ثم حسابكم يوم القيامة أمام الله
فلا تخونوا الامانة ، ولا تخدعوا الشعب وقد ائتمنكم ، ولا تغلبوا مصالحكم الخاصة على مصلحة الوطن
حاجات المواطن اليومية هي الأساس
لن يصبر المواطن على جوع أو إفلاس
سترون يومئذ -لا قدر الله- وجها آخر للشعب لا تعرفوه ولا تحبون أن تروه
حفظ الله مصر من كل سوء وسائر بلاد المسلمين
اخيرا -والحمد لله - وبعد انتظار طويل لموقف جماعة الإخوان من الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح إتخذ قرار بفصله من الجماعة
واهم من يظن أن الجماعة لم تخسر أخا عظيما مثل د.عبد المنعم
وواهم بل مخطئ خطأ كبيرا من يظن أن د.عبد المنعم لم يخسر خسارة عمره
وهي فرصة جيدة حتى توضع الأمور في نصابها الصحيح ويقدر لكل أمر قدره السليم
جماعة الإخوان المسلمين هي جماعة من المسلمين وليست جماعة المسلمين
البيعة في الجماعة بيعة طاعات وليست بيعة إمامة والفرق بينهما شاسع
إذا من يترك الجماعة لا يترك الإسلام ، ومن ينكث بالبيعة لا يُقاتل عليها
ندعو له بالتوفيق في الطاعات الاخرى التي ارتضاها لنفسه
لا نشكك في نيته ولا نتهمه في دينه ولا نستحل عرضه
تسعنا وتسعه دائرة الأخوة الإسلامية الرحبة
أما هو فليتق الله ، وليكن حر النفس فالحر من راعى وداد لحظة أو انتمى لمن علمه لفظة
وهذه الجماعة المباركة لولاها لكان مغمورا لا يعرفه أحد وكم علمته من الفاظ وكم أحيط بالوداد من إخوانه فيها
هذا الكلام كله ينطبق على الدكتور إبراهيم الزعفراني والدكتور محمد حبيب وأخينا مختار نوح وغيرهم من القيادات السابقة والتي تركت الجماعةكما ينطبق على مجموعة الشباب التي انفصلت وقررت إنشاء حزب "التيار المصري" أو حتى الذين تركوا الجماعة وجلسوا في بيوتهم
اما الإخوان الموجودون في الجماعة ممن يحزنون على المغادرين فأقول لهم
يا إخواننا الجسم البدين المثقل بالشحوم مهدد بالموت في كل وقت فهل إذا جاءت فرصة لهذا الجسم أن يتخلص من جزء من شحومه هل يستحق هذا الحزن ؟
من توقف عن العطاء واكتفى بالهمز واللمز والنقد وتلمس لأخطاء ونسيان لعهود وجحود المواقف فهو ولاشك قد تحول من وقود للجماعة - يبني ويحرك ويدفع للأمام مثل الغذاء للجسد - تحول الى شحوم زائدة تثقل الجسد وتمرضه
فليهنأ الجسد بما قدره الله له من خير ليزداد اللحم تماسكا وليعوضه الله - بفضله ومنته - عن تلك الشحوم الضارة عضلات مفتولة قوية تبني جسدا ممشوقا قويا فتيا
"لا تحسبوه شرا لکم بل هو خیر لکم " سورة النور 11
"لکیلا تحزنوا علی ما فاتکم ولا ما اصابکم والله خبیر بما تعملون " آل عمران 153
أما إخواننا ممن تركوا الجماعة أيا كانت أسبابهم فأقول لهم
"ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا یزالون مختلفین . الا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت کلمة ربك لاملان جهنم من الجنة والناس اجمعین " هود 118 - 119
----------------------------------------
للمزيد حول نفس الموضوع
ارض الله واسعة ودعوة الله أوسع - 15 نوفمبر 2007
الثبات الثبات حتى الممات - 3 مايو 2008
نجحت مطحنة الديكتاتورية في مصر من بعد ثورة 1952 في طحن الشعب المصري الصلب وتحويله الي بودرة أو مسحوق شعب
تفتت الى ذرات ، كل منها قائم بذاته ومنفصل عن غيره
وبمرور الوقت ووطأة الظلم وإحساس كل فرد بالخطر زادت المسافات بين كل فرد وآخر طلبا للأمان
أصبحت قضية كل فرد هي نفسه ومن يعول - أي نفسه أيضا - ولو كانت على حساب أخيه أو حتى بلده بالكلية
الحسابات الشخصية والخاصة فقط هي المهمة ، من أجلها يقاتل بل ويقتل إن لزم الأمر
يلقي الأموال في البحر لمتعته ولا يعطيها لغيره ليسد جوعته
لا .. ليست غابة .. بل صحراء وبادية .. وسكانها البدو والأعراب بجفوتهم وغلظتهم
في ظل هذا المسحوق لاتبحث عن اتفاق فالمصالح الشخصية تحكم وقليلا ماتتفق المصالح
في ظل هذا المسحوق لا تتحدث عن وطن أو مصلحة عليا ولا مكان للمثاليات
في ظل هذا المسحوق لا تتوقع أن يصدقك أحد إن أنكرت ذاتك أو دعوت الى مكرمة بدون منفعة
أنت متهم دائما ... لأنهم لا يقيسون إلا على أنفسهم ونفوسهم
أعذرهم فهم مسحوقون ... خائفون
إذا كنت من طلاب الآخرة فعلا فاعلم
أن النبي صلى الله عليه وسلم قد جاء الى مجتمع صحراوي يشبه الى حد كبير صحراؤنا النفسية هذه
ويزيد عليها الشرك بالله
وبدأ النبي بناء الإنسان من الصفر
وكانت العقيدة السليمة :
جمع المؤمنين على رب واحد وعرفهم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى
وجمعهم على يوم واحد يعرضون فيه على خالقهم لا تخفى منهم خافية ، يجازيهم على الإحسان إحسانا ويزيد ، وعلى السوء سوءا أو يعفو
وعرفهم على رسل الله من نوح اليه صلى الله عليه وسلم وهم حملة مشاعل النور الى الدنيا والمتمثلة في كتب الله وآياته الى الخلق
وعرفهم أن في الكون مخلوقات أخرى مثل الملائكة بصفاتهم ووظائفهم والجن بصفاتهم ووظائفهم وأنواعهم
وكانت قصة خلق آدم التي تثبت أن الجميع لآدم وآدم من تراب فكانت المساواة بين البشر جميعا
ألم تحس معي عزيزي القارئ أنك وانت تقرأ السطور السابقة قد استغرقتك التجربة النبوية فذهلت عن نفسك لحظة وأنت تفكر فيها وتتخيلها
فمابالك بمن مارسها وعاينها وعايشها
هذه الخلطة تشبه الأسمنت المسلح إذا تم صبه في المجتمع تماسكت ذراته ولُم شعثه وتآلف وتعاطف وتكاتف
عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا ، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ "وصفة الخلطة مكتوبة ومجربة وناجحة وما علينا إلا إعادة إنتاجها واستخدامها
دليل نجاحها هو ... أنتم
يا من رضيتم بالإسلام دينا بالفهم الشامل للدين وكان الفرد سليم العقيدة من أهدافكم
فاجتمعتم بعد فرقة وتوحدتم من شتات ولله الفضل والمنة
"واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذکروا نعمة الله عليکم اذ کنتم اعداء فالف بين قلوبکم فاصبحتم بنعمته اخوانا وکنتم علی شفا حفرة من النار فانقذکم منها کذلك يبين الله لکم آياته لعلکم تهتدون" آل عمران 103
عندئذ فقط يمكن الحديث عن مصلحة عليا ومشروع قومي ونكران للذات وتغليب النفع العام على الخاص ... الخ
أدرك أن الباحثين عن دور الآن والمطالبين ببقاء الحال على ماهو عليه والمرجفين والمرتجفين والمشككين كل هؤلاء ضحايا لأنهم للأسف مسحوق شعب
هل أدركتم الآن لماذا اختار الله "البنا" مؤسسا لجماعتكم المباركة ؟
وهل تدركون الآن عظم الدور الملقى على عاتقكم ؟
"وجاهدوا فی الله حق جهاده هو اجتباکم وما جعل عليکم فی الدين من حرج ملة ابيکم ابراهيم هو سماکم المسلمين من قبل وفی هذا ليکون الرسول شهيدا عليکم وتکونوا شهداء علی الناس فاقيموا الصلاة وآتوا الزکاة واعتصموا بالله هو مولاکم فنعم المولی ونعم النصير" الحج 78
خمسة وأربعون مقالة في الجرائد والمجلات في 3 أيام في مصر كلها تنتقد وتهاجم جماعة الإخوان المسلمون
رحل النظام السابق بكل غطرسته وغبائه واحتكاره لجميع منابر ومنصات الإعلام الموجه
وحل محله العلمانيون واليساريون واللادينيون وبعض الليبراليون
كلهم يواصل نفس السلوك العدائي والإقصائي لكل ما هو إسلامي وفي مقدمتهم جماعة الإخوان
بنفس الغطرسة والغباء
هنيئا للإخوان بمظلوميتهم الجديدة
وارجو ألا يكون لهم نصيب في صنع أية مظلومية لخصومهم بعشوائية المواقف أو غوغائية التصريحات
تقولون أني أعول كثيرا على موضوع المظلوميات ؟
نعم والتاريخ معي .. فاقرأوا التاريخ
أقوى الدول والأيديولوجيات في العالم بُنِيَ واستمر على مظلوميات
لا تصدقوني ... براحتكم