ربى الأقصى
ربى الأقصى تناديكم … بدمع العين ترويكم
تقول بمهجتي جرح … سيدميني ويدميكم
أما من فارس يأتي … فيمسح جرح أبنائي
أما فيكم يد الفاروق … تنجيني وتنجيكم
بكم باعوك يا وطني … بكم باعوك يا ديني
بكم باعوا دم الأحرار … يسفك في أراضيكم
فلا تهنوا ولا تدعوا إلى … سلم ليس يحميكم
وأنتم بالهدى أعلى … أليس الله يكفيكم
===============
ملكنا هذه الدنيا القرونا
ملكنا هذه الدنيا القرونا … وأخضعها جدود خالدونا
وسطّرنا صحائف من ضياء … فما نسي الزمان ولا نسينا
حملناها سيوفا لامعات … غداة الروع تأبي أن تلينا
تفيض قلوبنا بالهدي بأساً … فما نغضي عن الظلم الجفونا
ترى هل يرجع الماضي … فإني أذوب لذلك الماضي حنيا
===============
الصين لنا والعرب لنا … والهند لنا والكل لنا
أضحى الإسلام لنا دينا … وجميع الكون لنا وطنا
توحيد الله لنا نور … أعددنا الروح له سكنا
الكون يزول ولا تمحى … في الدهر صحائف سؤددنا
بنيت في الأرض معابدنا … والبيت الأول كعبتنا
هو أول بيت نحفظه … بحياة الروح ويحفظنا
في ظل الدين تربينا … وبنينا العز لدولتنا
علم الإسلام على الأيام … شعار المجد لملتنا
وأذان المسلم كان له … في الغرب صدى من همتنا
قولوا لسماء الكون لقد … طاولنا النجم برفعتنا
يا دهر أما جربت على … نيران الشدة عزمتنا
طوفان الباطل لم يغرق … في الخوف سفينة قوتنا
يا ظل حدائق أندلس … أنسيت مغاني عشرتنا
وعلى أغصانك أوكار … عمرت بطلائع نشأتنا
يا دجلة هل سجّلت على … شطّيك مآثر عزتنا
أمواجك تروي للدنيا … وتعيد جوانب سيرتنا
يا أرض النور من الحرمين … ويا ميلاد شريعتنا
روض الإسلام ودوحته … في أرضك روّاها دمنا
===============
أزفت - لإبراهيم عزت
أزفت وليس لردها أحد سواك … وبدت تطل برأسها نذر الهلاك
الناس حيرى والظلام يخيم … والنار تسري في الهشيم تحطم
والغمة الحمراء تكشف وجهها … وتبين في الليل المجلل كيدها
وبيوت ذكرك فزعت أسرابها … ومضى عدوك ناقماً لخرابها
ومضى دعاتك في القيود لأسرهم … والأمر يسبق للعبيد بقهرهم
فلتغلقوا الأبواب .. ولتُعْلُوا الجدار … حتى تقام مآتمهم في كل دار
ولتعصفوا بالشِيبِ من قبل الشباب … فالشيخ يخفي بين شيبته الحراب
وليسخط السوط المحمل بالعذاب … ولتجمعوا شذَّاذَكم من كل غَاب
ولتهتكوا حرمات أشراف النساء … ولتضحكوا مما يَغار له الحياء
ولتعصروا الأحقاد في الليل الحزين … تنزوا سواداً يستزيد من الأنين
فالدين دين لله نحن عبيدهُ … فليُحْكِم الطاغي علينا قيدَهُ
فعلى الطريق طلائعٌ خلف القبور … أبناءُ من سقطوا أتوهم بالزهور
الركب لا يضنيه جرح غائر … والركب لا يفنيه ليل جائر
الركب أكبر من شهيد راحلٍ … والركب أبقى من شقي زائلٍ
والواهمون سيسقطون إلى الضياع … فالوهم لا يقوى على طول الصراع
لن تبكِهم أرض تروت بالدماء … لن يحتفي بلقائهم أهل السماء
لا مرحباً بهم بكل الظالمين … يا سوء ما يخفيه ليلهم الحزين
قسماً برب لن تهون شرائعه … الفجر تكمن في الجراح طلائعه
وغداً يجيب لنا المجيب دعاءنا … ودموعنا وصلاتنا ورجاءنا
وغداً نرى من يمكرون بديننا … يستنجدون من اللهيب بغيثنا
وغداً سنضحك ملئ كل قلوبنا … في دار خلد زينت بحبيبنا
===============
رسالة شهيد
النور .. حلمي الذي لا ينتهي .. أسعى إليه وبه تعلقَ كل وجداني وروحي .. يا جنة الخلد التي أشتاقها ويطير قلبي طاوياً كل المسافات العصيبة .. حيث الزمان يصير معراجي إليها .. والروح .. ياللروح حين تعلقت بظلالها وجمالها .. هبي عليَّ نسائم الجنات في صحوي ونومي .. يا مرحبا حين يكون مفتاح الدخول والبهجة الأبدية الغراء تغمرني بها .. نوراً وحوراً
النور ملء عيوني … والحور ملك يميني
وكالملاكِ أغني … في جنة وعيونِ
شئت الحياة متاعا … ورحلة وصراعا
فاخترت دربي بنفسي … وسرت فيه سراعا
وصرت ناراً ونوراً … وغنوةً وعبيراً
حتى قضيت شهيداً … مُرَحِّباً بالمنونِ
هذي الجنان مراحي … وعطرها من جراحي
سحر وروح وراحٌ … يا قلب أية راحٍ
جُلاسيَّ الأنبياء … وإخوتي الشهداء
والله يلقي علينا … ظلال حبٍ حنونِ
في جنة اللهِ أحيا … بألفِ دنيا ودنيا
وما تمنيت شيئاً … إلا أتانيَ سعياً
فلا تقولوا خَسرنا … من غاب بالأمسِ عنا
إن كان في الخلدِ خُسرٌ … فالخيرُ أن تخسروني
===============
لا تعجبي صغيرتي - لإبراهيم عزت
هي دمعتي
لغتي التي تجتاح عجزي
يا طفلتي إني بشر
أبكي
كما حين تضيع لعبتك الصغيرة
أو حين تحتاجين صدراً دافئاً
وحليب أمك
قد ضاع بين يدي عمر من تمني
والكوكب الدري آل إلى انطفاء
وهنُ وهمٌ لا يداريه التجلد
والنفس حين تتوه في دنيا الخواء
ليست تلوذ سوى بأنات البكاء
أنا يا صغيرةٌ
مثلما الأشجار تسعى للضياء
لكنه ليل كما الطوفان هاج
فأغرق الدنيا وأغرق مهجتي لولا قليلٌ من رجاء
لا تعجبي صغيرتي إذا رأيتي دمعتي
فلست فارساً تعود الخطر
ولست مالكاً ذراع ماردٍ تفتت الحجر
ولست عالماً بالغيب كي أدافع الشرور بالحذر
أنا يا صغيرتي بشر .. أنا يا صغيرتي بشر
أنا يا صغيرتي بشر
ودمعتي قريبة من الأسى
يذيبني الألم
يصيبني الجنون حيث يُصنع العدم
تشل نظرتي إذا رمتها نظرة الخداع بالنِقم
يصيُبُني الضنا والعجز والسأم
لا تغضبي صغيرتي
فالنظرة التي رأيتها مضيئة تصافح الحياة
واللفظة التي سمعتها رنانةَ الصدى تحرك الصدور والشفاه
والبسمة التي أهديتُها إليكِ كي تصافحي ملامح الإنسان حيث كان
كل الذي رأيتِه ما كنت فيه كاذباً صغيرتي ولم أكن
لكنما رأيته هو الشذى يفوح من حديقة الزهور في مواسم الربيع
هو الحياة في ظلال راية بيضاء
نسيجها الضياء
وطائر الأمان حولها يرتل الغناء
وخضرة الزيتون شارة على الصدور
تزرع الطريق بالنماء
كي تفهمي صغيرتي .. هل تذكري
حديقة التمساح والأسد
تلك التي بها ركبت ذلك الجمل
يمضي بنشوتك الحبيبة ناعماً
وهو السعيد بما حمل
هل تذكرين صاحب العرين
ذاك الذي تزيد عنده الخطى
ذاك الذي لتجزر الوحوش ان تنال ساحته
قد نلتهِ صغيرتي
فقذفتي من يديك ما أصابَ هامته
العيب يا صغيرتي في قسوة الأغلال
لا عيب في الرجال
العيب في من يعشق انحناءة الرجال
لا تحزني صغيرتي إذا رأيتي دمعتي
فتلك قطرة من الندى
تجف في الصباح إن بدا
ستملأ العيون فرحة مزغردة
تقول للأسى ونحن نقطع الطريق للعلا
سننتصر
على الشفاه ذكرها
يزف بسمة القدر
الكف لم تزل بخيرها قوية .. غنية
وقيدها سينكسر
وفي العيون نبضها يضج .. ينصهر
غدٌ لنا
ونحن في مواقع الخلود ننتظر
فلتحكمو السفن .. لأن بحرنا عميق
واستكثروا من زادنا الأصيل لم تزل
بعيدةً نهاية الطريق
لكن نبعنا الرطيب مغدق
ولم يزل يبلل الظما
ويطفئ الحريق
ولم تزل عيوننا نفاذة البريق
تضيء للجموع كي تسير
من بعد أن تعلمت من ليلها الكدير
===============
يا قدس
حينما ننشق عطر الذاهبين … ونصلي في محاريب الحنين
تكشف القدس لنا أسرارها … وتغني الروحُ للشوق الدفين
ليلة الإسراء يا بدر الدجى … في لظى الآهات نور يُرتَجى
فاحميلنا يا خيولَ الأمنيات … واسبقينا يا مواكب الرجا
هبّت الريحُ وأعيانا السرى … غير أنا لم نزل فوق الثرى
فبأقصانا تواعدنا غدا … وحفظنا العهد فجراً مزهرا
نذكر العهدَ إذا هبَّ الصبا … أو وقفنا ساعة خلف الربى
نجتني في الصبح أشواق الهوا … ولحد السيف شوق ما نبا
وعيون القدس مأوى العاشقين … وملاذُ الراكعين الساجدين
ولأن القدسَ مفتاحُ السماء … نعبر الحزنَ ونبقى صامدين